مضافاً إلى أنّ الإلزام بالفعل والترك كأنّه عبارة اُخرى عن البعث والزجر المنتزع منهما الوجوب والحرمة . مع أنّ إنكار كون التكاليف عبارة عن البعث والزجر كأنّه إنكار الضروري .
الفرق بين الخطابات القانونية والشخصية
التحقيق في المقـام أن يقال : إنّه قد وقع الخلط بين الخطابات الكلّية المتوجّهة إلى عامّة المكلّفين والخطاب الشخصي إلى آحادهم ; فإنّ الخطاب الشخصي إلى خصوص العاجز وغير المتمكّن عادة أو عقلاً ممّا لا يصحّ ، كما أوضحناه ، ولكن الخطاب الكلّي إلى المكلّفين المختلفين حسب الحالات والعوارض ممّا لا استهجان فيه .
وبالجملة : استهجان الخطاب الخاصّ غير استهجان الخطاب الكلّي ; فإنّ ملاك الاستهجان في الأوّل ما إذا كان المخاطب غير متمكّن ، والثاني فيما إذا كان العموم أو الغالب الذي يكون غيره كالمعدوم غير متمكّن عادة ، أو مصروفة عنه دواعيهم .
والحاصل : أنّ التكاليف الشرعية ليست إلاّ كالقوانين العرفية المجعولة لحفظ الاجتماع وتنظيم الاُمور ، فكما أنّه ليس فيها خطابات ودعايات ، بل هو بما هو خطاب واحد متعلّق بعنوان عامّ حجّة على عامّة المكلّفين ، فكذلك ما نجده في الشرع من الخطابات المتعلّقة بالمؤمنين أو الناس . فليس هنا إلاّ خطاب واحد قانوني يعمّ الجميع .
وإن شئت قلت : إنّ ما هو الموضوع في دائرة التشريع هو عنوان المؤمنين أو الناس ، فلو قال : «يا أيّها الناس اجتنبوا عن الخمر» أو «يجب عليكم الفعل