لا ينقدح في الأذهان احتمال ارتكابه ، كالنهي عن كشف العورة بين الناس ; موجّهاً ذلك الخطاب إلى صاحب المروّة ، والنهي عن أكل القاذورات .
وأمّا ما عن بعض الأعيان المحقّقين(قدس سره) من كفاية الإمكان الذاتي أو الإمكان الوقوعي في صحّة الخطاب ، وهذا تمام الملاك لصحّة الخطاب ، وعليه يصحّ الخطاب في موارد الابتلاء وعدمه[ 1 ] .
ضعيف ; فإنّ كفاية الإمكان الذاتي في هذا الباب غريب ; فإنّ خطاب من لا ينبعث عن أمر المولى خطاباً حقيقياً مستهجن جدّاً ; فإنّ الإرادة التشريعية لا تنقدح إلاّ بعد حصول مبادئها .
وقس عليه الخطاب القانوني ; فإنّ مقنّن الحكم لو وقف على أنّ ما يشرّعه لا يكاد يعمل به أصلاً ولا ينبعث منه أحد ، صار جعله وتقنينه مستهجناً جدّاً ; وإن جاز الإمكان الذاتي أو الوقوعي .
وأعجب منه ما نقله(قدس سره) عن بعض أجلّة عصره من أنّ التكليف ليس زجراً ولا بعثاً ، بل إلزام من المولى بالنسبة إلى العبد ، فيعمّ عامّة الموارد ـ أي موارد الابتلاء وعدمه ـ فإنّ ما هو المستهجن إنّما هو البعث أو الزجر المتضمّنين للخطاب دون الإلزام[ 2 ] .
وفيه : أنّ غاية ما اُفيد أنّه لا يخرج التكليف عن دائرة الأحكام الوضعية أو أشبه شيء به ، ومع ذلك فهي من مقولة الجعل والاعتبار ، لا يصحّ إلاّ إذا كان له أثر عقلائي ، ومع عدمه ـ كما في الموارد التي لم يوجد فيها بعض الشروط المتقدّمة ـ كان الجعل والاعتبار والإلزام لغواً محضاً .
[1] نهاية الدراية 4 : 264 . [2] نفس المصدر 4 : 265 .