لأنّ اليد في الثوب أمارة الملكية ، كما أنّ أصالة الصحّة في العقد هي المحكّم في المرأة ، واستصحاب عدم كونها رضيعة عند الشكّ في كونها رضيعة ، إلى غير ذلك من القواعد ممّا يوهن انطباق الكبرى على الصغريات المذكورة .
ولأجل ذلك لابدّ من صرفها عن مورد القاعدة ، بأن يقال : إنّها بصدد بيان الحلّ ولو بأمارة شرعية مع الجهل الوجداني بالواقع . وكيف كان فالاستناد بها في المقام مشكل .
وأمّا أحاديث البراءة : فالظاهر عدم شمولها لأطراف العلم ; لأنّ المراد من العلم فيها هو الحجّة ـ أعمّ من العقلية والشرعية ـ لا العلم الوجداني ، وقد شاع إطلاق العلم واليقين على الحجّة في الأخبار كثيراً ، كما سيوافيك بيانه في أخبار الاستصحاب[ 1 ] .
والمفروض : أنّه قامت الحجّة في أطراف العلم على لزوم الاجتناب . على أنّ المنصرف أو الظاهر من قوله : «ما لا يعلمون» كونه غير معلوم من رأس ; بمعنى المجهول المطلق لا ما علم وشكّ في انطباق المعلوم على هذا أو هذا .
أضف إلى ذلك : أنّ هنا إشكالاً آخر يعمّ جميع الروايات ـ عمومها وخصوصها ـ وهو أنّ الترخيص في أطراف العلم الإجمالي الذي ثبت الحكم فيه بالحجّة يعدّ عند ارتكاز العقلاء ترخيصاً في المعصية وتفويتاً للغرض .
وهذا الارتكاز وإن كان خلاف الواقع على ما عرفت من أنّه ترخيص في مخالفة الأمارة لا ترخيص في المعصية[ 2 ]، لكنّه تدقيق عقلي منّا ، والعرف لا يقف عليه بفهمه الساذج .
[1] الاستصحاب ، الإمام الخميني(قدس سره) : 81 ـ 82 و 239 . [2] تقدّم في الصفحة 184 ـ 185 .