كما أنّ جعل الثواب على المقدّمات العلمية لأجل إدراك الواقع لا يلازم كونها اُموراً استحبابية . وكما أنّ جعل الثواب على المشي في طريق الوفود إلى الله أو إلى زيارة الإمام الطاهر ، الحسين بن علي(عليهما السلام) لأجل الحثّ إلى زيارة بيته أو إمامه لا يلازم كون المشي مستحبّاً نفسياً . وقس عليه كلّ ما يقع في ذهنك من أمثال ذلك .
نعم ، يمكن المناقشة في المثالين بأنّ في المشي خصوصية زيادة التخشّع والتواضع لله تعالى ; زائدة على المقدّمية .
وأظنّك إذا لاحظت روايات الباب من أوّلها إلى آخرها تقف على أنّ الهدف منها هو التحفّظ على الواقع بجعل الثواب على كلّ ما بلغ أو سمع : من دون أن يصير مستحبّاً نفسياً إذا لم يكن في الواقع كذلك حتّى لو قلنا بأنّ مفادها التفضّل على العامل ; لئلاّ يضيّع عمله وتعبّده ، لَما دلّت على الاستحباب ، كما لايخفى .
وأمّا ما أفاده المحقّق الخراساني(قدس سره) : من أنّه لا يبعد دلالة بعض تلك الأخبار على استحباب ما بلغ عليه الثواب ; لظهوره في أنّ الأجر كان مترتّباً على نفس العمل الذي بلغ عن النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه ذو ثواب[ 1 ] .
فغير تامّ ; لأنّ ترتّب الثواب على الشيء : تارة لأجل كونه محبوباً نفسياً ، واُخرى لأجل التحفّظ على ما هو محبوب واقعاً ، وفي مثله لا يصير العمل مستحبّاً بذاته ، ولا يسمّى مستحبّاً اصطلاحاً .
ويليه في الضعف ـ بل أضعف منه ـ ما أفاده بعض أعاظم العصر(رحمه اللّه) ; فإنّه بعد ما ذكر الاحتمالات الموجودة في مفاد الأخبار اختار ثانيها ، فقال : إنّ الجملة الخبرية بمعنى الإنشاء وفي مقام بيان استحباب العمل ، ويمكن أن يكون ذلك على