بإتيانه متقرّباً إليه تعالى ، وهو لا يحصل إلاّ بالجزم بأنّه عبادة .
وبعبارة أوضح : أنّ العبادة متقوّمة بقصد التقرّب ، وفي الشبهات البدوية : إمّا أن يقصد ذات الشيء بلا قصد التقرّب ، أو ذات الشيء مع قصد التقرّب ، أو ذات الشيء مع احتمال التقرّب . والأوّل خلف ، والثاني ممتنع ; لأنّ القصد الحقيقي لا يتعلّق بالأمر المجهول المشكوك فيه ، والثالث غير مفيد ; لأنّ الإتيان باحتمال التقرّب غير الإتيان بقصده ، والذي يعتبر فيها قصده لا احتماله .
والجواب : أنّ ذلك يرجع إلى اعتبار الجزم في النيّة ، ولا دليل على اعتباره ; لا من العقل ولا من النقل :
أمّا الأوّل : فلأ نّه لا يعقل أن يتجاوز الأمر عمّا تعلّق به ويبعث إلى غير ما تعلّق به ، والمفروض أنّ ما وقع تحت دائرة الطلب ليس إلاّ ذات العمل ونفس الفعل ، فشرطية أمر آخر يحتاج إلى دليل .
وأمّا الثاني : فالدليل الوحيد هو الإجماع على أنّه يشترط في العبادات الإتيان بالعمل لله تعالى ، وأمّا العلم بأنّه عبادة والجزم في النيّة فليسا مصبّاً للإجماع .
والحاصل : أنّ ما دلّ عليه ضرورة الفقه والمسلمين أنّه يشترط أن يأتي المكلّف بأعماله لوجه الله ، وهو حاصل عند إتيانه بعنوان الاحتياط ; ضرورة أنّ داعي المحتاط في أعماله كلّها هو طلب رضاء الله ومرضاته .
الثاني : أنّ المطلوب في باب العبادات هو تحصيل عنوان الإطاعـة والامتثال والانبعاث عن بعث المولى ; إذ لو أتاه بدواع اُخر لما أطاع وامتثل ; وإن أتى بمتعلّق الأمر . وعليه : فصدق هذا العنوان يتوقّف على العلم بالأمر حتّى ينبعث بأمـره . وأمّا إذا احتمل وجـود الأمـر فهو غير منبعث عـن بعث المولى ، بل