السلب التحصيلي عن الموضوع المحقّق ، فيقال : إنّ الأصل في الحيوان الذي زهق روحه أن يكون بلا تعلّق أسباب شرعية فلا حالة سابقة له .
وإن أراد استصحاب عدم تحقّق التذكية بنحو السلب الأعمّ التحصيلي لنفي الأحكام المذكورة بعد زهوق روحه فيرد عليه : أنّ استصحاب العنوان العامّ الذي يتحقّق في ضمن أفراد طولية أو عرضية لا يوجب إلاّ ترتيب آثار ذلك العنوان ، دون آثار الفرد الذي من مصاديق ذلك العنوان ; فإنّه بالنسبة إلى آثار الفرد من الاُصول المثبتة .
ألا ترى أنّ استصحاب بقاء الحيوان المردّد بين البقّ والفيل بعد سنة لا يثبت إلاّ آثار ذلك العنوان ، لا ما هو أثر للفرد الطويل العمر من الحيوان ، ومثله المقام ; فإنّ عدم تحقّق التذكية يصدق تارة مع ما إذا لم يكن حيوان في البين ، واُخرى ما إذا كان ولكنّه بعد حيّ يأكل ويمشي ، وثالثة إذا زهق روحه ولكن لا بالأسباب المعيّنة المقرّرة في شريعة الإسلام ، فهو صادق مع عدم الحيوان ، ومع وجوده بوصف الحياة ، ومع زهوق روحه لا بالأسباب المقرّرة .
فحينئذ : فما هو الموضوع لتلك الأحكام الوجودية التي نريد رفعها برفع أسبابها ليس مطلق عدم التذكية بقول مطلق ; حتّى مع عدم وجوده أو كونه حيّاً ; لعدم الموضوع في الأوّل ، وكونه طاهراً في زمن الحياة ، وعدم الدليل على عدم الحلّية في حالها ، بل الموضوع هو الفرد الثالث .
فما هو الموجب لعدم الحلّية والطهارة إنّما هو زهوق الروح لا بالآلات والشرائط المقرّرة ، كما أنّ الموجب لهما هو وجود التذكية بالنحو المذكور .
فحينئذ : فانطباق ذلك المستصحب على الفرد الثالث عقلي محض ; للعلم بوجوده وزهوقه ، فيتعيّن الثالث ، وهذا هو المراد بالمثبتية .