وهو مسألة كون الأصل في الأشياء الحظر ، وأنّ العالَم كلّه ـ من سمائه وأرضه ـ مملوك لله ، كما أنّ المكلّف عبد له تعالى ، فلابدّ أن يكون عامّة أفعاله ـ من حركة وسكون ـ برضىً منه ودستور صادر عنه . وليس لأحد أن يتصرّف في العالم بغير إذنه ; لكون المتصرّف ـ بالكسر ـ والمتصرَّف مملوكين لله .
وفيه : أنّه إن اُريد من كون المكلّف والعالم مملوكين لله بالملكية الاعتبارية الدائرة في سوق العقلاء فلا نسلّمه ، بل لا وجه لاعتبار ملكية اعتبارية لله عزّوجلّ ; فإنّ اعتبارها لابدّ وأن يكون لأغراض حتّى يقوم به المعيشة الاجتماعية ، وهو سبحانه أعزّ وأعلى منه .
وإن اُريد منه المالكية التكوينية ; بمعنى أنّ الموجودات والكائنات ـ صغيرها وكبيرها ، أثيريها وفلكيها ـ كلّها قائمة بإرادته ، مخلوقة بمشيّته ، واقعة تحت قبضته تكويناً ، فلا يمكن للعبد أن يتصرّف في شيء إلاّ بإذنه التكويني وإرادته ، وأنّ العالم تحت قدرته ; قبضاً وبسطاً تصرّفاً ووجوداً فهو غير مربوط بالمقام ، ولا يفيد الأخباري شيئاً .
على أنّ الآيات والسنّة كاف في ردّ تلك المزعمة ; حيث يدلّ على وجود الإذن من الله بالنسبة إلى تصرّفات عبيده ، قال عزّ من قائل : (خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأَرْضِ جَمِيعاً)[ 1 ] ، (وَالأَرْضَ وَضَعَها لِلأَنامِ)[ 2 ] إلى غير ذلك .
هذا آخر ما أردنا إيراده في المقام . وينبغي التنبيه على اُمور :