نعم ، يمكن تعلّق العلمين بسببين للتكليف أو الوضع ، كما لو علم إجمالاً بوقوع قطرة من الدم في واحـد مـن الإنائين ، وعلم بوقوع قطرة اُخـرى مقارناً لوقوع الأوّل في أحدهما أو إناء آخر ; فإنّ العلمين تعلّقا بالقطرتين والسببين لا بالنجاسة .
وهذا نظير العلم بوقوع قطرة بول أو دم فـي إناء معيّن ; فإنّ العلم تعلّق بوقـوع القطرتين ، فكلّ منهما معلوم ، وأمّا النجاسة المسبّبة فلم تكن معلومة مرّتين ; لعدم تعقّل ذلك .
وهاهنا وجه آخر في ردّ مقالة الأخباري ، وحاصله : منع تعلّق العلم الإجمالي على وجود تكاليف فعلية لا يرضى الشارع بتركها . كيف ، وجعل الحجّية للأمارات والاُصول أو إمضاء حجّيتها مع إمكان مخالفتها للواقع أدلّ دليل على عدم فعليتها مطلقاً ورضاء الشارع بتركها في موارد قيام الأمارة على الخلاف ; إذ فعليتها مطلقاً تستلزم وجوب العمل بالاحتياط حتّى في موارد قيام الأمارات والاُصول .
وعلى هذا : لا معنى لتنجيز ما عدا مؤدّيات الأمارات والاُصول ; لعدم تعلّق العلم بالتكليف الفعلي ، بل إنّما تعلّق بخطابات قابلة للانطباق على مؤدّياتها .
ولهذا لا يلتزم الأخباري بلزوم الاحتياط عند قيام الأمارة على نفي التكليف في مورد . فلو صحّ ما يدّعيه من العلم الفعلي بالتكاليف الفعلية التي لا يرضى الشارع بتركها على أيّ حال لزم عليه الاحتياط في ذلك المورد ، مع أنّه لا يلتزم به .
وهذا ـ أي التعبّد بالأمارات والاُصول ـ أوضح دليل على عدم كون الأحكام بمثابة لا يرضى بتركها ، وأنّ الشارع قد رفع اليد عنها في غير موارد الأمارات والاُصول من الشبهات .