إشارة إلى حكم الواقعة ، أو إلى نفس الواقعة . وعلى كلا الفرضين : فإمّا أن يراد من المثل مطلق المماثلة ، أو المماثل في كون الشبهة وجوبية مطلقاً أو كونها وجوبية دائرة بين الأقلّ والأكثر الاستقلاليين ـ إن قلنا بلزوم القيمة في جزاء الصيد ـ أو الارتباطيين ، بناءً على وجوب البدنة ، فمع هذه الاحتمالات يستدلّ بها على لزوم الاحتياط في خصوص الشبهة التحريمية مع كونها بمراحل عن مورد الرواية ؟ !
ثمّ إنّه لو قلنا بكون المشار إليه هو حكم الواقعة : إمّا أن يراد من قوله : «فعليكم الاحتياط» الاحتياط في الفتوى ، أو الفتوى بالاحتياط ، أو الفتوى بالطرف الذي هو موافق للاحتياط .
ومع ذلك فبما أنّه(عليه السلام) ذيّل قوله : «فعليكم الاحتياط» بعد قوله : «فلم تدروا» ، بقوله : «حتّى تسألوا عنه فتعلموا» فالمتبادر من الأمر بالاحتياط هو الاحتياط في الفتوى وعدم التقوّل على الله تعالى . ولأجل ذلك يترجّح حمل الرواية على الفتوى قبل الفحص مع إمكان التفحّص عن مورده ، كما هو مفروضها .
ودلالتها على مقالة الأخباري يتوقّف على حملها على مطلق الشبهات ; تحريمية أو وجوبية ، ثمّ إخراج الوجوبية منها لقيام الإجماع على عدم وجوب الاحتياط فيها ، مع أنّه من قبيل إخراج المورد المستهجن ، كما لا يخفى .
ومنها : رواية عبدالله بن وضّاح قال : كتبت إلى العبد الصالح : يتوارى عنّا القرص ويقبل الليل ويزيد الليل ارتفاعاً ويستتر عنّا الشمس ويرتفع فوق الجبل حمرة ويؤذّن عندنا المؤذّنون فاُصلّي حينئذ وأفطر إن كنت صائماً ، أو أنتظر حتّى تذهب الحمرة التي فوق الجبل ؟
فكتب : «أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة ، وتأخذ بالحائطة لدينك»[ 1 ] .
[1] تهذيب الأحكام 2 : 295 / 1031 ، وسائل الشيعة 4 : 176 ، كتاب الصلاة ، أبواب المواقيت ، الباب 16 ، الحديث 14 .