التحقيق : امتناع مجعوليتهما مطلقاً ; لما تقدّم في مبحث الصحيح والأعمّ أنّ الصحّة والفساد من أوصاف الفرد الموجود من الماهية المخترعة ، منتزعتان من مطابقة الخارج مع المخترَع المأمور به ، لا من أوصاف الماهية . وعليه فهو أمر عقلي لا ينالها الجعل تأسيساً ولا إمضاءً .
وما يرجع إلى الشارع إنّما هو تعيين الماهية بحدودها ، وأ مّا كون هذا مطابقاً أو لا فأمر عقلي ; فإن أتى بها بما لها من الأجزاء والشرائط يتّصف بالصحّة ، ولا يحتاج إلى جعل صحّة من الشارع .
وما عن المحقّق الخراساني : من كون الصحّة مجعولاً في المعاملات ; لأنّ ترتّب الأثر على معاملة إنّما هو بجعل الشارع ـ ولو إمضاءً ـ ضرورة أ نّه لولا جعله لما كان يترتّب عليه الأثر ; لأصالة فساده[ 1 ] .
غير مفيد ; إذ فيه أوّلاً : أنّ الماهيات المخترعة لا تتّصف بالصحّة والفساد ، بل المتّصف بهما هو الموجود الخارجي أو الاعتباري بلحاظ انطباق الماهيات عليه ولا انطباقها ، وهما عقليان لا يتطرّق الجعل إليهما .
وثانياً : أنّ ماذكره يرجع إمّا إلى جعل السببية لألفاظ أو أفعال مخصوصة ، كما هو المختار في الأحكام الوضعية[ 2 ] أو إلى جعل الأثر والمسبّب عقيب الألفاظ ، وهما غير جعل الصحّة ; إذ جعل السببية أو ترتّب الأثر على موضوع وإن حصلا بفعل الشارع إلاّ أنّ كون شيء مصداقاً للسبب أو لما رتّب عليه الأثر بجعله ، أمر عقلي من خواصّ الفرد الموجود .
[1] كفاية الاُصول : 222 . [2] الاستصحاب ، الإمام الخميني(قدس سره) : 71 ـ 72 .