ناحية العقل ; كشفاً أو حكومة ، بل العقل يحكم بأنّ لذي العذر عذره .
وأ مّا الخطاب فهو فعلي في حقّ اُولي الأعذار عامّة ، غاية الأمر هم معذورون في ترك التكليف الفعلي أحياناً . واستهجان الخطاب مندفع بكون الخطاب ليس شخصياً ، بل كلّي عامّ .
وحينئذ فمثل قوله(عليه السلام) : «لا يحلّ لأحد أن يتصرّف في مال غيره بغير إذنه»[ 1 ] حكم فعلي ، من غير فرق بين العالم والجاهل والعاجز والقادر ، من غير وقوع تقييد من ناحية الجاعل ، ولا إمكان التقييد من ناحية العقل ; لأنّ تصرّف العقل في إرادة الجاعل محال ، بل شأنه ليس إلاّ التعذير دون رفع الخطاب ، فيحكم في بعض الموارد : أنّ العاجز في مخالفة التكليف الفعلي معذور .
ولكن المقام ليس من هذا القبيل ; لأ نّه يحكم بمعذورية العاجز إذا طرئه العجز بغير سوء اختياره ، وأ مّا معه فلا يراه معذوراً في المخالفة .
فالحكم الفعلي بالمعنى المتقدّم قـد يخالف بلا عـذر وقـد يخالف معـه ، وما نحن فيه من قبيل الأوّل ; إذ كان له امتثال النهي بترك الدخـول من أوّل الأمـر ; إذ مَثَل المتوسّط في الأرض المغصوبة مثل من اضطرّ نفسه إلى أكل الميتة بسوء اختياره ، فهو ملزم من ناحية عقله بأكلها حتّى يسدّ به رمقه ويدفع به جوعه ، إلاّ أ نّـه فَعَل محرّماً يشمله قوله تعالى : (حُرّمَت عَلَيكُمُ المَيتَةُ)[ 2 ] ولا يراه العقل معذوراً في ترك الخطاب الفعلي .
وهكذا الحال في جميع الموارد التي سلب المكلّف قدرته اختياراً ،
[1] كمال الدين : 521 ، وسائل الشيعة 9 : 540 ، كتاب الأنفال ، الباب 3 ، الحديث 7 . [2] المائدة (5) : 3 .