وما في بعض الروايات «المغصوب كلّه مردود»[ 1 ] لا يـدلّ على وجوب الردّ بعنوانه ، بل لمّا كان الغصب حراماً يردّ المغصوب ; تخلّصاً عن الحرام عقلاً .
نعم ، لو قلنا : إنّ النهي عن الشيء مقتض للأمر بضدّه العامّ ، وإنّ مقدّمة الواجب واجبة يمكن أن نقول بوجوب بعض العناوين المتقدّمة ; لأنّ التصرّف في مال الغير إذا كان حراماً يكون ترك التصرّف واجباً ، والخروج من الأرض المغصوبة مقدّمة لتركه ، لكنّه مبني على مقدّمتين ممنوعتين .
وأ مّا كونه محرّماً بالفعل فكفاك له من الأدلّة ما دلّ على حرمة التصرّف في مال الغير بغير إذنه .
والسرّ في ذلك : هو ما قدّمناه في مبحث الترتّب[ 2 ] وأوعزنا إليه إجمالاً في مقدّمات المختار عند البحث عن الاجتماع[ 3 ] من أنّ الخطابات الكلّية القانونية تفارق الخطابات الشخصية ملاكاً وخطاباً ; لأنّ الخطاب القانوني لا ينحلّ بعدد المكلّفين ، بل خطاب واحد فعلي على عنوانه ، من غير لحاظ حالات كلّ واحد من المكلّفين . والخطاب الشخصي وإن كان يستهجن بالنسبة إلى الغافل والعاجز والمضطرّ والعاصي ونظائرها إلاّ أنّ صحّة الخطاب العمومي لا تتوقّف على صحّة الباعثية بالنسبة إلى جميع الأفراد ، بل انبعاث عدّة مختلفة منهم كاف في جعل الحكم الفعلي على عنوانه العامّ بلا استثناء .
كما أ نّها غير مقيّدة بالقادر العالم الملتفت ; لا من ناحية الحاكم ، ولا من
[1] تهذيب الأحكام 4 : 130 / 266 . [2] تقدّم في الجزء الأوّل : 437 . [3] تقدّم في الصفحة 23 ـ 24 .