وقد فصّل في حجّية الظواهر ذلك المحقّق العظيم ; حيث ذهب إلى حجّية الظواهر بالنسبة إلى من قصد إفهامه دون من لم يقصد[ 1 ]، وهو ضعيف صغرى وكبرى :
أمّا الأوّل : فلأنّ الأخبار الواصلة إلينا عن النبي والأئمّة المعصومين(عليهم السلام)ليس إلاّ كالكتب المؤلّفة التي قال(قدس سره)بحجّية ظواهرها بالنسبة إلى الجميع ; وذلك لأنّ الخطاب وإن كان متوجّهاً إلى مخاطب خاصّ ـ كزرارة ومحمّد بن مسلم وأمثالهما ـ إلاّ أنّ الأحكام لمّا كانت مشتركة وشأن الأئمّة ليس إلاّ بثّ الأحكام بين الناس فلا جرم يجري الخطاب الخاصّ مجرى الخطاب العامّ في أنّ الغرض نفس مفاد الكلام ، من غير دخالة إفهام متكلّم خاصّ .
وأمّا الكبرى : فلبناء العقلاء على العمل بالظواهر مطلقاً ما لم يحرز أنّ بناء المتكلّم على الرمز وحذف القرائن اللازمة ; لوضوحه عند المخاطب . فلو أراد المفصّل هذا القسم فلما قاله وجه وجيه ، وإن أراد غير ذلك فمدفوع بالبناء منهم على خلافه .
هذا ، وإنّ من المرسوم الدائر في بعض الأحيان مراقبة الرسائل الدائرة بين الأصدقاء والإخوان من جانب الحكومة ، ولا شكّ أنّ الرسائل الدائرة لم يقصد كاتبها إلاّ إفهام من أرسله إليه ، إلاّ أنّ الحكومة والرقابة العسكرية إذا وجدوا فيها ما يستشمّ منه الخيانة أو التجمّع للفتنة صاروا إلى إحضار الكاتب وزجره وحبسه .