ثمّ إنّ الأعلام قد مالوا يميناً ويساراً في هذا الباب ; فكلٌّ اختار مهرباً للجمع بين الأحكام الظاهرية والواقعية ، فلا بأس بالإشارة إلى بعضها ، فنقول :
تقريب المحقّق النائيني للجمع
قد ذكر بعض أعاظم العصر جواباً لتخلّف الطرق والأمارات ، وجواباً آخر للاُصول المحرزة ، وثالثاً لغير المحرزة منها .
فأفاد(قدس سره) في الجمع عند تخلّف الطرق ما هذا حاصله : إنّ المجعول فيها ليس حكماً تكليفياً حتّى يتوهّم التضادّ بينها وبين الواقعيات ، بل الحقّ أنّ المجعول فيها هو الحجّية والطريقية ، وهما من الأحكام الوضعية المتأصّلة في الجعل ; خلافاً للشيخ(قدس سره) ; حيث ذهب إلى أنّ الأحكام الوضعية كلّها منتزعة من الأحكام التكليفية[ 1 ] .
والإنصاف : عدم تصوّر انتزاع بعض الأحكام الوضعية من الأحكام التكليفية ، مثل الزوجية فإنّها وضعيـة ويتبعها جملة مـن الأحكام ، كوجـوب الإنفاق على الزوجة وحرمة تزويج الغير لها ، وحرمة ترك وطيها أكثر من أربعة أشهر إلى غير ذلك .
وقد يتخلّف بعضها مع بقاء الزوجية ، فأيّ حكم تكليفي يمكن انتزاع
[1] فرائد الاُصول ، ضمن تراث الشيخ الأعظم 26 : 125 .