فتحصّل : أنّ الفعل المتجرّى به باق على عنوانه الواقعي ، ولا يعرض له عنوان قبيح .
نعم ، لو قلنا بسراية القبح إلى العمل الخارجي الكاشف عن وجود هذه المبادئ في النفس فلا بأس بالقول باجتماع الحكمين لأجل اختلاف العناوين ، ولا يصير المقام من باب اجتماع الضدّين ; فإنّ امتناع اجتماع الضدّين يرتفع باختلاف المورد ، وقد وافاك بما لا مزيد عليه : أنّ مصبّ الأحكام وموضوعاتها إنّما هي العناوين والحيثيات[ 1 ] ، فلا إشكال لو قلنا بإباحة هذا الفعل ـ أعني شرب الماء ـ بما أ نّه شرب وحرمته من أجل الهتك والتجرّي والطغيان .
فالعنوانان منطبقان على مصداق خارجي ، والخارجي مصداق لكلا العنوانين ، وهما مصبّان للأحكام على ما أوضحناه في مبحث الاجتماع[ 2 ] .
وأمّا ما ربّما يقال في دفع التضادّ : من أنّ العناوين المنتزعة عـن مرتبة الـذات مقدّمة على العناوين المنتزعة عن الشيء بعدما يقع معروضة للإرادة ، فإنّ المقام مـن هـذا القبيل ، فإنّ شرب الماء ينتزع عـن مرتبـة الـذات للفعل ، وأمّا التجرّي فإنّما ينتزع عـن الذات المعروضة للإرادة . ونظير المقام الإطاعـة ; فإنّها متأخّـرة عـن ذات العمل[ 3 ] .
فغير مفيد ; لأنّ القياس مع الفارق ; فإنّ الإرادة لم تتعلّق إلاّ بإتيان ما هو مقطوع الحرمة ، والتجرّي منتزع عن إرادة إتيان ما هو مقطوع الحرمة أو منتزع من
[1] تقدّم في الجزء الأوّل: 489 . [2] تقدّم في الصفحة 39 . [3] نهاية الأفكار 3: 32 ـ 33.