وأمّا العزم على العصيان والجرأة على المولى فهما وأشباههما من الأفعال الجنانية التي لا تستلزم إلاّ الذمّ واللوم ، ولو فرضنا قبح التجرّي فقد عرفت في صدر البحث أنّ مجرّد كونه أمراً قبيحاً لا يستلزم الاستحقاق للعقوبة .
الظاهر أنّ الفعل المتجرّى به لا يخرج عمّا هو عليه ، ولا يصير فعلاً قبيحاً ـ ولو قلنا بقبح التجرّي ـ فإنّ توهّم قبحه لو كان بحسب عنوانه الواقعي فواضح الفساد ; فإنّ الفعل الخارجي ـ أعني شرب الماء ـ ليس بقبيح ; وإن كان لأجل انطباق عنوان قبيح عليه ، فليس هنا عنوان ينطبق عليه حتّى يصير لأجل ذلك الانطباق متّصفاً بالقبح ; فإنّ ما يتصوّر هنا من العناوين فإنّما هي التجرّي والطغيان والعزم وأمثالها ، ولكن التجرّي وأخويه من العناوين القائمة بالفاعل والمتّصف بالجرأة إنّما هو النفس والعمل يكشف عن كون الفاعل جريئاً ، وليس ارتكاب مقطوع الخمرية نفس الجرأة على المولى ، بل هو كاشف عن وجود المبدأ في النفس . وقس عليه الطغيان والعزم ; فإنّهما من صفات الفاعل لا الفعل الخارجي .
وأمّا الهتك والظلم فهما وإن كانا ينطبقان على الخارج إلاّ أ نّك قد عرفت عدم الملازمة بينهما وبين التجرّي[ 2 ] .