قلت : الحقّ أ نّه لو سلّمنا أنّ الهيئة موضوعة لإنشاء حقيقة الطلب لا الطلب الجزئي لا يرد عليه شيء من هذين الوجهين :
أ مّا على ما ببالنا مطابقاً لما حرّرناه : فلأنّ المفهوم لا يتوقّف على انحصار العلّة دائماً ، بل ربّما يثبت لو كان موافقاً لاستظهار العرف وفهمه ; وإن لم يلتفت إلى انحصارها ; وذلك لأ نّا إذا فرضنا أنّ الغاية للحكم عند العرف غاية لسنخ الطلب المنشأ فلازمه انتفاء الحكم لدى الوصول إلى الغاية ، وإلاّ لما كان غاية لسنخة ، بل لحصّة خاصّة ، وهو خلف .
وبعبارة ثانية : أنّ المفهوم ربّما يستفاد من تحديد حقيقة الحكم بلا تقييدها بقيد خاصّ إلى غاية ، فكأ نّه قال : حقيقة وجوب الجلوس تكون إلى الزوال . فحينئذ يكون الوجوب بعد الزوال مناقضاً له ، والعرف ينتقل إلى المفهوم بعد ثبوت أمرين : ثبوت كون الغاية للحكم وثبوت كون الهيئة ظاهرة في حقيقة الطلب ، من غير توجّه إلى علّة الحكم ; فضلاً عن انحصارها . ولو فرض توجّهه إليها يكشف من هذا الظهور المتّبع انحصارها .
وأ مّا على ما قرّر في ذيل النسخة المطبوعة أخيراً : فلأنّ الخلل إنّما هو في مثاله ; فإنّ ظاهر قوله «اجلس من الصبح إلى الزوال» هو رجوع الغاية إلى المادّة ، ولعلّ عدم فهم المخالفة بعد التصريح بأ نّه «إن جاء زيد فاجلس من الزوال إلى الغروب» لذلك ، وإلاّ فلو سلّمنا كون القيد غاية للحكم وكون المنشأ حقيقة الطلب فيفهم المخالفة قطعاً .
نعم ، الإشكال كلّه في أصل المبنى ـ وهو كون المنشأ حقيقة الطلب ـ لما قـدّمناه سابقاً مـن إبطال كـون معاني الحـروف مفاهيم عامّـة ; لامتناع تصوّر