ومجرّد كون مفاد النهي هو الزجر لا يوجب الفرق في الحكم العقلائي ; ضرورة أنّ المولى إذا قال «اترك شرب الخمر» أو صرّح بـ «أ نّي أطلب منك ترك شرب الخمر» يكون حكمه العقلائي هو لزوم الترك مطلقاً ، ومع الترك في زمان والإتيان في الآخر عدّ مطيعاً وعاصياً .
فهذا الافتراق ليس من جهة كون مفاد النهي هو الزجر ، بل لو فرض تعلّق الزجر بصرف الوجود ـ أي ناقض العدم ـ فمع المخالفة يسقط النهي بالضرورة ; لانتهاء اقتضائه ، كما لو نهاه عن ذكر اسمه في الملأ ; لغرض عدم معروفيته ، فمع ذكره يسقط النهي ، لا لأجل تعلّقه بأوّل الوجود ـ كما توهّم ـ بل لأجل تعلّقه بصرف الوجود ، فيسقط ما ذكر : أنّ العصيان لا يوجب السقوط في شيء من الموارد .
فالأولى أن يتشبّث في جانب النهي بذيل فهم العرف المتّبع في تلك المقامات في كلتا المرحلتين ; أي مرحلة أنّ الطبيعي ينعدم بعدم جميع الأفراد ، ومرحلة أنّ النهي إذا تعلّق بالطبيعة ينحلّ إلى النواهي ، من غير أن تستعمل الطبيعة في الأفراد ، ومن غير فرق بين كون النهي زجراً أو طلب ترك ، فتأمّل .