للخصوصيات والزجر تعلّق بكلّ فرد فقد عرفت امتناع مرآتيتها لها ، وضعف ما يتمسّك به لإثباتها من سريان الطبيعة واتّحادها معها .
وإن أراد أنّ النهي متعلّق بالطبيعة إلاّ أنّ تلك الغلبة قرينة على أنّ جدّ المولى هو الزجر عن كلّ فرد ففيه : أنّ الزجر مفاد النهي الاستعمالي ، فإذا استعملت الهيئة في نفس الطبيعة دون الأفراد فلا يرجع كون الزجر عن الأفراد جدّاً إلى محصّل ، إلاّ أن يرجع إلى التشبّث بالاستعمال المجازي ، وهو كما ترى .
وأ مّا ما عن بعض الأكابر ـ أدام الله أظلاله ـ من أنّ الأمر لمّا كان متعلّقاً بالطبيعة فيكون تمام المتعلّق له هو الطبيعة ، فبتحقّق فرد منها يتحقّق تمام المطلوب ، فيسقط الأمر ; لأنّ بقائه مع تحقّق تمام المطلوب جزاف .
وأ مّا النهي فلمّا كان حقيقته الزجر عن الوجود لا طلب الترك يكون حكمه العقلائي هو دفع الطبيعة والزجر عنها بتمام حقيقتها ، فلا يكون المطلوب حاصلاً مع انتهاء المكلّف في زمان ، ولا النهي ساقطاً مع الإتيان بفرد ، فإنّ العصيان لا يعقل أن يكون مسقطاً ; لا في الأمر ولا في النهي ، فإنّ السقوط إمّا بحصول المطلوب أو رفع الموضوع أو موت المكلّف أو عدم قابليته للتكاليف ; لنقصان عارض له ، أو خروج الوقت في الموقّتات ، فلا يكون السقوط مستنداً إلى المعصية في شيء من الموارد . فتحصّل ممّا ذكر : أنّ مفاد النهي لمّا كان هو الزجر فلازم ذلك ماذكرنا ، بخلاف ما لو كان طلب الترك[ 1 ] .
غير تامّ ، بل ما أفاده لا يزيد إلاّ عن دعوى كون حكم العرف ذلك ، من غير إقامة برهان مقنع على سرّه .