وما قرّر في المنطق من أنّ نقيض السالبة الكلّية هو الموجبة الجزئية ليس مبنياً على أساس عقلي وبرهان علمي ، بل على الارتكاز العرفي المسامحي ; لأنّ الطبيعة لدى العرف العامّ توجد بفرد ما وتنعدم بعدم جميع الأفراد .
فإن قلت : فعلى هذا قد انحلّت العويصة ; لأنّ القاعدة المزبورة وإن لم يساعدها البرهان إلاّ أنّ الارتكاز العرفي يساعدها في محاوراتهم ، والنواهي الشرعية تحمل على المحاورات العرفية . فحينئذ إذا تعلّق نهي بطبيعة يكون حكمه العقلائي أنّ امتثاله بترك الأفراد جميعاً .
قلت : نعم ، لكنّه يتولّد منه عويصة اُخرى ; وهو أنّ لازم ذلك أن يكون للنهي امتثال واحد ومعصية واحدة ; لعدم انحلاله إلى النواهي ، مع أنّ العرف لا يساعده كما ترى ، ولذا لو خولف يرى العرف أنّ النهي بحاله . هذا حكم العقل والعرف .
وأ مّا اللغة : فلا دلالة للنهي وضعاً بمادّته وهيئته عليه ; ضرورة أنّ ما تعلّق به هيئة الأمر عين ما تعلّق به هيئة النهي ; وهو نفس الطبيعة لا بشرط ، والهيئة لا تدلّ إلاّ على الزجر مقابل البعث ، وليس للمجموع وضع على حدة .
وأفاد بعض الأعيان من المحقّقين(رحمه الله) في رفع الإشكال : أنّ المنشأ حقيقة ليس شخص الطلب المتعلّق بعدم الطبيعة كذلك ، بل سنخه الذي لازمه تعلّق كلّ فرد من الطلب بفرد من طبيعة العدم عقلاً ; بمعنى أنّ المولى ينشئ النهي بداعي المنع نوعاً عن الطبيعة بحدّها الذي لازمه إبقاء العدم بحدّه على حاله ، فتعلّق كلّ فرد من الطلب بفرد من العدم تارة بلحاظ الحاكم ، واُخرى بحكم العقل لأجل جعل الملازمة بين سنخ الطلب وطبيعي العدم بحدّه[ 1 ] ، انتهى .