ويؤيّد ما ذكرنا : التفحّص حول سائر اللغات ; فإنّ مرادف قولنا لا تضرب في الفارسية كلمة «نزن» وليس مفاده عرفاً وتبادراً إلاّ ماذكرنا . على أ نّه لو صرّح بطلب العدم لابدّ من تأويله لما عرفت من امتناع تعلّق الإرادة به .
دلالة النهي على التكرار
ثمّ إنّه لا خلاف بين العقلاء في النواهي ـ ومنها النواهي الشرعية ـ في أنّ النهي يتميّـز عن الأمر بأنّ مقتضى النهي لدى العرف هو ترك جميع الأفراد ـ عرضية كانت أو طولية ـ بخلاف الأمر ; فإنّ الغرض منه يحصل بإيجاد فرد واحد منه ، ويسقط الأمر به دون جميع الأفراد .
لكن الكلام في أنّ ذلك من ناحية اللغة أو حكم العقل أو العرف :
فذهب المحقّق الخراساني إلى أنّ مقتضى العقل أنّ الطبيعي يوجد بفرد ما ، وينعدم بعدم جميع الأفراد[ 1 ] .
وأنت خبير بفساد هذه القاعدة ; لأنّ المراد منها إن كان هو الطبيعة المهملة ـ أي بلا شرط ـ فهي كما توجد بفرد ما تنعدم بانعدام فرد ما ، وإن اُريد الطبيعة السارية في مصاديقها ـ على اصطلاح القوم ـ فهي لا توجد إلاّ بوجود جميع مصاديقها .
هذا ، وقد عرّفناك[ 2 ] : أنّ الطبيعي متكثّر وجوداً وعدماً ، فكما أنّ له وجودات كذلك له أعدام بعدد الأفراد ; إذ كلّ فرد حائز تمام الطبيعي بلا نقصان ، فعدمه يكون عدماً للطبيعي حقيقة .
[1] كفاية الاُصول : 182 ـ 183 . [2] تقدّم في الجزء الأوّل : 27 و 496 .