«صلّوا كما رأيتموني اُصلّي»[ 1 ] لا يـدلّ على وجـودها في غيره .
ألست إذا نظرت إلى قوله تعالى في سورة المزمّل المكّية ، النازلة في أوائل البعثة (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وآتُوا الزَّكَاةَ)[ 2 ] وما في المدّثّر المكّية (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ المُصَلِّينَ)[ 3 ] ، وما في سورة القيامة والأعلى والعلق المكّيات ، تعلم : أنّ كلّها شواهد بيّنة على أنّ ألفاظ العبادات كانت معلوم المفهوم لدى النبي(صلّى الله عليه وآله وسلَّم)وأصحابه ومعاصريه من الكفّار ، وكانوا يفهمون معانيها بلا معونة قرينة .
فعند ذلك لابدّ لك من أحد أمرين :
إمّا القول بمعهودية هذه العبادات والمعاملات لدى العرب المتشرّعة في تلك الأعصار ، وكان ألفاظها مستعملة في تلك الماهيات ـ ولو مع اختلاف في بعض الخصوصيات ـ سيّما مع ملاحظة معهودية تلك العبادات قَبل النبي(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) في الاُمم السالفة ، وأ نّه لم يظهر من سيرة النبي(صلّى الله عليه وآله وسلَّم)اختراع عبادة جديدة ; سوى شيء لا يذكر ، كما أ نّه لم يظهر منه(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) اختراع معاملة محدثة ; حتّى في مثل الخلع والمبارات ; سوى المتعة ; لاحتمال كونها مخترعة ، ولكنّها أيضاً ليست ماهية برأسها ، بل هي قسم من النكاح .
أو القول بثبوت الوضع منه(صلّى الله عليه وآله وسلَّم) بنفس الاستعمال .
وما قد يتوهّم من لزوم الجمع بين اللحاظ الآلي والاستقلالي مدفوع ـ مضافاً إلى منع لزوم الغفلة عن اللفظ حين الاستعمال دائماً ـ بأ نّه يمكن أن يكون من باب جعل ملزوم بجعل لازمه ، ويكون الاستعمال كناية عن الوضع ، من غير توجّه إلى