ثمّ إنّ محطّ البحث ليس في تعلّقها بالكلّي الطبيعي أو أفراده بما هو المصطلح في المنطق ; فإنّ الماهيات الاعتبارية ـ كالصلاة والحجّ ـ ليست من الكلّيات الطبيعية ولا مصاديقها مصاديق الكلّي الطبيعي ; فإنّ الماهيات المخترعة وكذا أفرادها ليست موجودة في الخارج ; لأنّ المركّب الاختراعي ـ كالصلاة والحجّ ـ لم يكن تحت مقولة واحدة ، ولا يكون لمجموع الاُمور وجود حقيقي حتّى يكون مصداقاً لكلّي طبيعي . بل المراد من الطبيعي هنا هو العنوان الكلّي ; سواء كان من الطبائع الأصيلة أم لا .
ولا يختصّ البحث بصيغة الأمر والنهي ، بل يعمّ متعلّق مطلق الطلب والزجر بأيّ دالّ ; ولو بالإشارة أو بالجملة الإخبارية في مقام الإنشاء .
والذييصلح لأن يقع محطّ البحث ، ويظهره النظر في كثير من مقالاتهم : هو أنّ الأمر إذا تعلّق بماهية بالمعنى المتقدّم هل يسري إلى الأفراد والمصاديق المتصوّرة بنحو الإجمال منها ; بحيث تكون الطبيعة وسيلة إلى تعلّقه بالمصاديق الملحوظة بنحو الإجمال ، لا بقيد كون الأفراد ملحوظة ومتصوّرة ، بل نفس ذات الأفراد ، كما في الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ .
فيكون معنى «صلّ» أوجد فرد الصلاة ومصداقها ، لا بمعنى أنّ الواجب هو الفرد الخارجي أو الذهني بما هو كذلك ، بل ذات الفرد المتصوّر إجمالاً ; فإنّ الأفراد قابلة للتصوّر إجمالاً قبل وجودها ، كما أنّ الطبيعة قابلة للتصوّر كذلك .
إذا عرفت ذلك فنقول : الحقّ أنّ متعلّق الحكم ـ بعثاً كان أو زجراً ـ هو نفس الكلّي والعنوان بما هو هو ، مع قطع النظر عن الوجودين والنشأتين ، لا مقيّداً بالوجود الذهني ـ كما هو واضح ـ ولا بلحاظ اتّحاده مع المعنون في الخارج ـ كما