جنح إليه بعض محقّقي العصر(رحمه الله)[ 1 ] إذ لحاظ الاتّحاد مرتبة حصول وجود المأمور به وحصول الغرض ، فلا معنى للحاظه عند البعث ، بل المأمور به هو نفس الكلّي وذات العنوان الذي إذا وجد في الخارج يصير منشأً للآثار .
والوجه في ذلك : أنّ البعث الحقيقي لا يمكن أن يتعلّق بما هو أوسع أو أضيق ممّا هو دخيل في الغرض ; للزوم تعلّق الإرادة والشوق بغير المقصود أو به مع الزيادة جزافاً .
فإذا لم يكن للخصوصيات الفردية دخالة في غرض الآمر فلا يعقل البعث نحوها ـ ولو إلى العنوان الكلّي من الخصوصيات ـ لأنّ البعث تابع للإرادة التشريعيـة التابعة للمصالح ، وتعلّقها بما لا دخل له في تحصيلها ممتنع ، كتعلّقها ابتداءً بأمر بلا غاية .
وتوهّم تعلّقها بها تبعاً لما هو من ملازمات المراد باطل ; لأ نّه مع خروجه من محطّ البحث ـ لأنّ الكلام ليس في استلزام إرادة لإرادة اُخرى كباب المقدّمة ، بل في متعلّق الأمر ـ قد فرغنا من بطلانه[ 2 ] .
فإن قلت : إنّ الطبيعة بما هي هي غير محبوبة ولا مبغوضة ولا متعلّقة للأمر والنهي ; إذ ليست إلاّ هي من حيث إنّها هي ، كما هو المراد من التعبير المعروف بتأخير قيد الحيثية عن السلب ، فكيف يتعلّق به الطلب ويعرض عليها الوجوب ؟ إن هذا إلاّ شيء عجاب .
قلت : معنى الكلمة الدارجة بين الأكابر هو أنّ الوجود والعدم والحبّ
[1] نهايـة الأفكـار 1 : 380 ـ 381 ، بدائـع الأفكـار (تقريـرات المحقّـق العـراقي) الآملـي 1 : 404 و409 . [2] تقدّم في الصفحة 283 ـ 284 .