فالاحكام الواقعية تنشأ على موضوعاتها من
غير تقييد و توهم لغوية تلك الاحكام الانشائية , اذا فرض قيام الامارة او الاصل
على خلافها من اول زمن تشريعها مندفعة بانه لامحالة ينكشف الخطاء و لو عند ظهور
الدولة الحقة و لو كانت عاطلة غير منشأة من رأس , صارت مهملة الى الابد حتى بعد
قيام القائم عليه السلام لانسداد الوحى و تشريع الاحكام بعدما رفع النبى الاكرم
صلى الله عليه و آله الى الرفيق الاعلى , و بذلك يندفع الاشكال كله .
فان قلت : انه ليس في الواقع احكام انشائية
, بل الموجود في نفس الامر , هو انشاء الاحكام اى تشريعها على موضوعاتها المقدر
وجودها بجميع ما اعتبر فيها من القيود و الشرائط و عدم الموانع على نهج القضايا
الحقيقة , و فعلية الحكم عبارة عن تحقق موضوعه بجميع ما اعتبر فيه , و لا يعقل
لفعلية الحكم معنى غير ذلك فالاحكام الواقعية اما مقيدة بعدم قيام الامارة على
الخلاف اولا , فعلى الاول يلزم التصويب , و على الثانى يلزم اجتماع الضدين .
قلت : يكفي في صحة ما ذكرنا ملاحظة القوانين
العالمية او المختصة بجيل دون جيل و طائفة دون آخر , فان الاحكام ينشأ على وجه
الانشأ على موضوعاتها العارية من كل قيد و شرط , ثم اذا آن وقت اجرائه , يذكر في
لوح آخر قيوده و مخصصاته , فالمنشأ على الموضوعات قبل ورود التخصيص و التقييد هو
الحكم الانشأئى , و الحكم الفعلى اللازم الاجراء , ما يبقى تحت العموم و المطلق ,
بعد ورودهما عليه . هذا اولا .
و ثانيا انه لو صح ما ذكر , من ان الاحكام
مجعولة على موضوعاتها من اول الامر , بجميع قيود , لما جاز التمسك بالاطلاق و
العموم , فان مبنى التمسك , هو ان الحكم مجعولة على المهية المجردة و ان الارادة
الاستعمالية مطابقة للارادة الجدية الا ما قام الدليل على خلافه , فلو كان اللازم
انشاء الحكم على موضوعه بعامة قيوده , لما صار للتمسك باصالة الاطلاق معنى فان
الاطلاق متقوم بان الواقع تحت دائرة الحكم هو تمام الموضوع للحكم , و مثله اصالة
العموم , فانها متقومة بظهور الكلام في كون الحكم على العموم , و ان التخصيص
كالتقييد امر خارجى لا يتصرف في اللفظ بل