او اصلا , فان ارادة العمل على طبق الامارة
و الاستصحاب , او قاعدة الفراغ , واصالة الاباحة و هكذا , مما لا يجتمع مع الارادة
الحتمية بالنسبة الى الاحكام الواقعية , بعد ما علم ان الاصول و الامارات قد
تؤديان الى خلاف الواقع .
اما الجواب : فنقول : اعلم ان للحكم الشرعى
مرتبتين ليس غير (( الاولى (( مرتبة الانشاء و جعل الحكم , على موضوعه كالاحكام
الكلية القانونية قبل ملاحظة مخصصاتها و مقيداتها نحو قوله تعالى . اوفوا بالعقود
, او احل الله البيع , و كالاحكام الشرعية التى نزل به الروح الامين على قلب نبيه
, و لكن لم يأن وقت اجرائها لمصالح اقتضته السياسة الاسلامية , و ترك اجرائها الى
ظهور الدولة الحقة ( عجل الله تعالى فرجه ) الثانية مرتبة الفعلية , و هى تقابل
الاولى من كلتا الجهتين , فالاحكام الفعلية , عبارة عن الاحكام الباقية تحت العموم
و المطلق بعد ورود التخصيصات و التقييدات حسب الارادة الجدية , او اما آن وقت
اجرائها , فالذى قام الاجماع على انه بين العالم و الجاهل سواسية , انما هو
الاحكام الانشائية المجعولة على موضوعاتها سواء قامت عليه الامارة ام لا , وقف به
المكلف ام لا و هكذا و هي لا يتغير عما هى عليه , و اما الفعلية , فيختلف فيها
الاحوال كما سيوضح .
و اما توضيح الجواب و حسم الاشكال فهو ما مر
منا : ان مفاسد ايجاب الاحتياط كلا او تبعيضا صارت موجبة لرفع اليد في مقام الفعلية
عن الاحكام الواقعية في حق من قامت الامارة اوالاصول على خلافها , و ليس هذا امرا
غريبا منه , بل هذا نظام كل مقنن اذ في التحفظ التام على الواقعيات من الاحكام
مفسدة عظيمة لا تحير بشى ايسرها خروج الناس من الدين , و رغبتهم عنه , و تبدد نظام
معاشهم و معادهم فلا جل هذا كله , رفع اليد عن اجراء الاحكام في الموارد التى قام
الامارة او الاصل على خلافها , و ليس هذا من قبيل قصور مقتضيات الاحكام و ملاكا
تها في موارد قيام الامارات و الاصول على خلافها , حتى يتقيد الاحكام الواقعية
بعدم القيام بل من قبيل رفع اليد لجهة و اللابدية و مزاحمة الفاسد و الافسد في
مقام الاجراء .