يلزم القول بجعل المماثل في الامارات و منها
فتوى الفقيه , و الا يلزم اتيان كثير منها رجاءا , لعدم قيام الدليل القطعى على
جزئيتها و شرطيتها فلا مناص من القول باستتباع الامارات احكاما علي طبق مؤدياتها .
قلت : مضافا الى منع لزومه فى العبادات و قد
اوضحنا سبيله غير مرة و قلنا ان المسألة عقلية لا مناص لدعوى الاجماع فيها .
فيه اولا : ان الجزم حاصل من غير احتياج الى
القول باستتباع الامارات احكاما مماثلا لمؤدياتها , و ذلك لان احتمال الخلاف و
الخطاء مغفول عنه للعقلاء عند العمل بالامارات الدارجة بينهم , و ما ذكرنا من ان
بنائهم على العمل بها بالغاء احتماله , ليس معناه انهم يحتملونه ثم يلغونه عملا ,
بل معناه غفلتهم عن هذا الاحتمال و لكن لو نبههم احد عليه لتنبهوا , لكنهم عند عدم
التنبيه , يعملون معه بصرافة ارتكازهم معاملة العلم الجازم , و دونك معاملاتهم
السوقية فهم يبيعون و يشترون علي وجه الجزم , مع ان اساسه على كون البايع مالكا ,
و لا طريق لهم غالبا على الملكية الا اليد التي هى امارتها , و ليس ذلك لعدم
انقداح احتمال الخطاء في اذهانهم .
و ثانيا : ان استتباعها للحكم الظاهر فى
خصوص فتوى الفقيه ليس محصلا للجزم فان عمل العامى بفتوى الفقيه انما هو لا جل
كونها طريقا الى الواقع و كاشفا عنه , كعملهم على آراء اهل الخبرة فى سائر الفنون
, فاذا كان هذا مبني عملهم , فاستتباع فتواه اللحكم الظاهرى امر مغفول عنه
للمقلدين , فكيف يكون مناطا لحصول الجزم , و بالجملة مناط عمل العامى له كونه
كاشفا عن الحكم الواقعى , و كون صاحبه عالما باحكام الله الواقعية , و اما
استتباعها لحكم ظاهرى موافق لمؤدى الامارة , مما لا ينقدح في اذهانهم , و معه يكون
محصلا للجزم .