ان الحاجة الي الاستصحاب في الحكم بجواز
البقاء , انما هو فيما اذا كان فتوى الميت مخالفا للحى الذى يفتى بجواز البقاء اذ
لو كانا متوافقى الفتوى , و كان عامة فتاواه موافقا لرأى المجتهد الحى , لكان له
ارجاع العامى الى الميت من دون حاجة الى الاستصحاب لقيام الحجة عنده على صحة هذه
الفتاوى و ليست الغاية الا الوصول الي هذه الاحكام , من دون دخالة التقليد و الاخذ
بالرأى , و انما الحاجة اليها انما هى فيما اذا كانا متخالفى الفتوى , فحينئذ لو
فرضنا ان المكلف ادرك مجتهدين متساويين في العلم , متخلفين فى الفتوى , فقد تسالم
الاصحاب على كونه مخيرا في الاخذ بواحد منهما لدليل شرعى دال علي التخيير الشرعى و
اصل اليهم و ان لم يصل الينا , او لا جل السيرة المستمرة الى زمن الائمة ( عليهم
السلام ) الكاشفة عن رضائهم و , ارتضائهم , و لو لا الدليل او السيرة الكاشفة كان
مقتضى القاعدة هو التساقط و العمل بالاحتياط , كما اوضحنا , مع انهم تسالموا على
التخيير , فاذا مات واحد منهما و , طرء الشك فى بقاء التخيير الشرعى المتقدم او
ارتفاعه بفوته و الاصل بقائه , و لازم ذلك جواز البقاء للمكلف الذى ادرك حيوة
المجتهدين بالغا و عاقلا , بحيث توجه اليه الخطاب الشرعى بالتخيير , و اما اذا لم
يدرك حياتهما فلا , لعدم الحالة السابقة , و هذا ما يعبر عنه فى كلام الاصحاب
بالتقليد الابتدائى للميت .
و لا ينافى ذلك ما حررناه فى دفع الاشكال
الاول من ان الحكم الثابت للعنوان لا يختص بحال الموجودين وقت الخطاب , بل يعم كل
من صدق عليه العنوان و لو بعد مضى قرن , - وجه عدم المنافاة - فان ذلك انما هو فى
ثبوت الحكم على العنوان , اعنى المكلف او الناس و لكنه لم يدل دليل على ثبوت
التخيير الشرعى على عنوان المكلف على هذا النحو , بل المتيقن من فتوى الاصحاب هو
ثبوت التخيير لهذا الشخص الذي ادرك الفقيهين المتساويين فى العلم المختلفين فى
الفتاوى .