ثم ان الشيخ الاعظم - رحمه الله - قد تسلم
جريان الاستصحاب و بقاء الموضوع بتقريب انه اذا قلنا بان الفتوى هى عبارة عن نقل
الحديث على وجه المعنى على ما يدعيه الاخبارى لكنه خلاف الواقع ( انتهى كلامه . (
و فيه : ان مناط الحجية في الفتوى و الاخبار
امر واحد , فان الكاشف عند العقلاء فى اخبار الثقة , انما هو اخباره جزما عما سمعه
ورآه , فلو اخبر بلا جزم , لا يصير طريقا , و لا يتصف بالكاشفية و لا يجوز العمل
به عندهم , و لو اخبر عن جزم يتصف بهذه الاوصاف حتى بعد موته و عدم بقاء جزمه ,
لان اخباره على وجه الجزم انما جعله حجة الى الابد , ما لم ينقضه نفسه , او حجة
اخرى , فلو شك فى بقاء اوصافه و احكامه بعد موت الراوى لاحتمال دخالة حياته تعبدا
يستصحب بقائها بلا اشكال لاتحاد القضيتين او لبقاء الموضوع عندهم , و ما ذكرنا من
الاشكال و الجواب في الفتوى جار فيه حذو النعل بالنعل .
ثم انه ( قدس الله سره ) قد منع جريان
الاستصحاب و حكم بعدم بقاء موضوعه بقوله : ان الظن في الاحكام الظاهرية انما يكون
موضوعا لما يترتب على المظنون فانه هو المقصود من حجية الظن فى الامور الشرعية و
الاحكام الفرعية , فانه يكون وسطا في القياسات التى يطلب فيها ترتيب آثار متعلقات
تلك الظنون , مثلا ان شرب الخمر المظنون حرمته بواسطة امارة ظنية معتبرة , انما
يستفاد الحكم فيه فى مقام العمل و الظاهر بواسطة الظن كان يقال ان شرب الخمر مما
يظن حرمته بواسطة امارة كذائية و كل ما يظن حرمته فيجب ترتيب آثار الحرمة الواقعية
التي كان الظن طريقا اليه على ذلك المظنون فينتج وجوب ترتيب الاثار على هذه الحرمة
المظنونة من لزوم الاجتناب عنها و غيرها من الاحكام ( انتهى بعبارته . (
و فيه : ان ما ذكره ( قدس الله سره ) عبارة
عن الحجة المنطقية و ليست معنى الحجية فى الامارات وقوعها حدا وسطا لاثبات الحكم
الشرعى , بل المراد من الحجية فيها ليس الاتنجيز الواقع على فرض صدقه و صحة عقوبة
المكلف لو تخلف و