و ثانيا : انه لو سلمنا ان غرض العقلاء
تحصيل الحجة و العذر لا الاصابة بالواقع , لكنهما يتوقفان على الغاء احتمال الخطاء
في الاجتهاد و استنباط الاحكام الشرعية الواقعية , حتي يجعل مع هذا الالغاء في
عداد سائر الامارات العقلائية في تحصيل الحجة و العذر و هو مع هذا الاختلاف الفاحش
فى الفتاوى غير ممكن . و لو كان الخطاء فى الاجتهاد مستندا الى خطاء الامارة فما
هو المعذور انما هو المجتهد لا المقلد , لان مبنى علمه انما هو فتواه لا الامارة
التى تبين خطاها , و لا يكون فتواه معذورا له الا اذا وقع فى عداد سائر الامارات
العقلائية , بان يكون قليل الخطاء . كثير الاصابة عندهم , و كيف يكون كذلك مع
تخطئة كل مجتهد مخالفه و انه مخطىء غير مقصر .
اللهم : الا ان يقال ما اوضحناه سابقا : من
ان عدم ردع الشارع هذا البناء من المتشرعة مع علمه بأن الامة سوف ترجع الى الفقهاء
الذين يقوم الاختلاف و التشاجر بينهم على ساقيه دليل على امضائه و ارتضائه , لكن
جعل ذلك بناء عقلائيا و جعل العمل به كالعمل بسائر الامارات المعتبرة عندهم لا
يخلو عن غموض , الا ان يقال ان عمل المتشرعة بالفتاوى من باب الطريقية و الامارية
مع عدم كونها حائزا لشرائطها لكن سكوتها و عدم ردعها عن هذه السنة العلمية كاشف عن
رضاه و ملازم عن جعل الشارع اياها امارة شرعية مجعولة , فتأمل جيدا .
فى
لزوم الاخذ بقول الاعلم و عدمه
ثم انك قد عرفت ان ما هو الاقرب من هذه
الوجوه , ما اخترناه من ان المناط هو الغاء احتمال الخلاف , و ( عليه ) فهذا
المناط موجود فى رأى الاعلم و غيره ضرورة ان العقلاء يعملون بقول المفضول عند عدم
قول الفاضل , و هذا يدل على كونه واجدا لملاكه كان الفاضل موجودا اولا , اتفق
رأيهما او اختلفا , و الالزم ان