منها : انه ان اريد من الغاء احتمال الخلاف
عدم جواز العمل على الاحتمال المخالف و لو من باب الاحتياط , فهو اول الكلام و ان
اريد لزوم العمل على طبقها , و فرض مؤداه مؤدى الواقع , فهو امر مسلم , و لكن لا
يفيد ما استنتج منه القائل كما لا يخفى , و اما عدم جواز الاكتفاء بالاحتمال
المخالف فليس ذلك لاجل عدم جواز العمل بالاحتمال المخالف , بل لاجل كونه طردا
للامارة المعتبرة شرعا .
و منها : لو سلمنا ان معنى الغاء احتمال
الخلاف عدم جواز العمل على طبق الاحتمال المخالف فالعمل على طبقه عين الاعتناء
بهذا الاحتمال , سواء عمل به قبل العمل بمؤدى الامارة ام بعده , لزوم منه التكرار
اولا , فلا وجه للتفصيل بينهما كما لا يخفى الا ان يدعى ان الادلة الدالة على لزوم
الغاء احتمال الخلاف منصرف عن الموردين و هو كما ترى , و ما قيل من ان العقل يستقل
بحسن الاحتياط بعد العمل بالوظيفة , حسن لكنه مستقل مطلقا لاجل احراز الواقع من
غير فرق بين الصور .
و منها : ان ما ذكره من حديث المراتب في
الاطاعة مما لا دليل عليه فان العقل انما يستقل بوجوب الاتيان بتمام ما وقع تحت
دائرة الطلب , مع جميع قيوده و شروطه , سواء اتى به بالامر القطعى او باحتماله ,
فلو احتمل وجوب الجمعة مع التمكن عن العلم التفصيلى و اتى بها باحتمال الامر صح لو
وافق المأتى مع المأمور به , و ما افادة : من ان الاطاعة هو انبعاث العبد عن بعث
المولى , و هو لا يحصل الا بالعلم التفصيلى ممنوع , اذ فيه اولا : ما قدمناه من ان
الباعث حقيقة هو المبادى الموجودة في نفس المكلف من الخوف و الرجاء و اما الامر
فليس له شأن سوى كونه محققا لموضوع الطاعة و ثانيا : لا يتوقف عبادية الشي على
الامر فضلا عن باعثيته , اذا ليست الغاية اطاعة امر المولى , حتى يتوقف على ما ذكر
, بل الغاية كون المأتي به موافقا لغرضه بما له من القيود و الشروط , سواء امر
بهام لم يأمر كما اذا لم يأمر لغفلة لكن لو توجه لامر به و , كانقاذ ولده الغريق ,
فان القيام بهذا الامر مقرب و مستوجب للثواب ,