و هو عين ما يدعيه المشهور بانه لابد من صدق
الطبيعة على الباقي الميسور بوجه من الوجوه و فيه ما عرفت : من ان الاظهر في فقه
الحديث ان كل مركب لا يدرك مجموعه او كل جزء من اجزائه , انه لا يترك جميع اجزائه
بل لابد من الا تيان بما تيسر من تلك الاجزاء , لا ما تيسر من ذلك المركب حتى
يتوقف على صدق المركب على الباقي , و الحاصل ان الفرق بين المعنين واضح فان النهى
عن الترك قد تعلق على المعنى الاول بالمركب الميسور , و بالاجزاء الميسورة على
المعنى الثانى , فالضمير على الاول في قوله : لا يترك يعود على المركب و على
الثانى على اجزاء المركب , و لا ريب انه يصدق جزء المركب على كل جزء منه و ان كان
قليلا .
الثالث : قوله الميسور لا يسقط بالمعسور , و
هو يحتمل في بادى النظر وجوها اربعة :
الاول : ان ميسور الطبيعة لا يسقط بمعسورها
, الثاني : ان الاجزاء الميسورة من الطبيعة لا يسقط بالمعسور من اجزائها , الثالث
: ان الطبيعة الميسورة لا يسقط بالمعسور من اجزائها , الرابع : عكس الثالث , فعلى
الاول و الثالث يدل على المقصود و انه لابد ان يكون المأتى به صادقا عليه الطبيعة
بوجه من الوجوه , و لا يبعد اظهرية الاحتمال الاول , و يمكن : ان يقال المتيقن من
الحديث هو ميسور الطبيعة الما امور بها .
ثم ان المرجع في تعيين الميسور , هو العرف
بلا اشكال فانه المحكم في عامة الموضوعات سواء كان الموضوع عرفيا او شرعيا , فان
الموضوع للقاعدة هو الطبايع المامور به , و لا اشكال ان العرف واقف على حقيقة
الامر في هذه الميادين حيث يشخص انه الميسور من الطبيعة عن غيره فيعد الجبيرة في
بعض الاجزاء ميسورها , كما انه لا يعد الجبيرة في معظم الاجزاء ميسورها من غير فرق
بين الموضوعات العرفية و الشرعية فما عن البعض من التفصيل بينهما غير وجيه .
و ما يقال : من ان المراد من الميسور , ما
يكون وافيا بالغرض او بعضه و هذا لا يقف عليه العرف , ضعيف مثل ما يقال من انه لا
يجوز الاتكاء على القاعدة لكثرة التخصيصات الواردة عليها فلابد ان يضم اليه عمل
المشهور حتى يكون جابرا لضعف