مقابل درك كل جزء , هو عدم دركه , و هو يحصل
بدرك البعض ايضا , كما ان مقابل ترك كل جزء عدم ترك كل جزء الذى يحصل بعدم ترك
البعض , فيصير مفاد الحديث , ما لا يدرك كل جزء منه لا يترك كل جزئه , و يفهم منه
لزوم الاتيان بالبقية
و الحاصل : انه فرق بين الاحتمالين , فلو
قلنا : لا يترك مجموعه يصير المعنى انه يجب اتيان جميع اجزائه لان ترك المجموع
بترك البعض , و الاتيان به باتيان جميع اجزائه , و هذا بخلاف الاحتمال الثانى فلو
قلنا : انه لا يترك كل جزء منه , فالنهى يدل على حرمة ترك كل جزء منه على نحو سلب
العموم و هو يحصل بالاتيان بالبعض .
و ما افاده الشيخ الاعظم : من ان لفظ الكل
مجموعى لاافرادى اذ لو حمل على الافرادى كان المراد ما لا يدرك شي منه لا تيرك شي
منه ضعيف , فان الكل اذا ورد عليه النفي انما هو يفيد سلب العموم , لا عموم السلب
و ما ذكره من المعنى مبنى على الثانى دون الاول , و ان شئت فلاحظ قولنا : ليس كل
انسان في الدار , تجد بينه و بين قولنا ليس واحد منه فيها , فان الثانى يفيد عموم
السلب دون الاول و قد عرف المنطقيون بان نقيض السالبة الكلية , هو الموجبة الجزئية
فنقيض قولنا : كل انسان حيوان هو ليس كل انسان حيوان , و هو يتوقف على كون بعض
الانسان ليس بحيوان , لاكل فرد منه .
و توهم ان المسلوب لما كان متعددا , فالسلب
الوارد عليه متعدد ايضا لمكان التضايف الواقع بينهما , غير صحيح , فان قولنا : ليس
كل انسان حيوانا , ليس قضايا متعددة و سلوبا كثيرة . و عليه يبتنى النزاع المعروف
بين الشيخ المحقق صاحب الحاشية و الشيخ الاعظم في تعيين المفهوم المستفاد من قوله
عليه السلام الماء اذا بلغ قدر كر لم ينجسه شي , فان مفهومه على المختار انه اذا
لم يبلغ كرا ليس لا ينجسه شي و لازمه سلب تلك القضية السالبة الكلية و هو يتحقق
بالاثبات الجزئى , و قد اوضحنا حاله في محله .