استفادة حرمة ترك البقية اولا , وجهان
مبنيان على تقديم احد الظهورين من الصدر و الذيل على الاخر , فان الصدر اعنى
الموصول ظاهر في الاعم من الواجب و المستحب , كما ان النهى اعنى قوله عليه السلام
(( لا يترك )) ظاهر في حرمة الترك , فلاوجه لتقديم الذين على الصدر لو لم نقل بان
الراجح هو العكس , فيتصرف فى الذين و يحمل على مطلق المرجوحية , و السر في ذلك ان
توجه الذهن الى الصدر يمنع عن انعقاد ظهور للذيل الا اذا كان اقوى ظهورا منه حتى
ينصرف الذهن عما توجه اليه اولا و لو تنزلنا فلااقل من عدم الترجيح .
و ما افاده الشيخ الاعظم من ان قوله (( لا
يترك )) كما انه قرينة على تخصيص الموصول بغير المباحات و المحرمات , هكذا قرينة
على اختصاصه بالواجبات , لا يخلو من ضعف , فان القرينة على تخصيصه بغير هما انما
هو قوله عليه السلام لا يدرك , لاقوله (( لا يترك )) فان الدرك و عدم الدرك انما
يستعمل في المواضع التى يكون للامر و المكلف داع الى اتيانه , فاذا قال الامر : ((
ما لا يدرك كله )) يفهم منه ما يليق ان يدرك كله , فيكون معنى قوله ما لا يدرك كله
اى كل راجح يكون للمكلف و الامر داع الى اتيانه و لم يدرك كله , فعندئذ لا يترك
كله .
توضيح
محتملات الحديث
الاول : ان يراد من الكل في الجملتين
المجموع , لكنه احتمال بدئى لا يلائم مع مرمي الحديث , فان درك المجموع بدرك جميع
اجزائه و عدم دركه يحصل بعدم درك بعض اجزائه , كما ان ترك المجموع بترك بعض منه ,
و عدم تركه هو الاتيان به بما له من الاجزاء عامة , و لو اريد من الكل , المجموع
في الموضعين يصير المعنى , ما لا يدرك جميع اجزائه لا يترك جميع اجزائه و هو ظاهر
الفساد .
الثانى ان يراد من الكل فيهما كل جزء منه
فيصير المعنى ما لا يدرك كله لا يترك كل جزء منه , فهو صحيح و ان لم يكن الحديث
متعينا فيه ( وجه الصحة ) ان