احتمالات اوضحها ان يقال : ان (( نفس
الميسور لا يسقط بالمعسور )) و اما احتمال ان المراد ان حكم الميسور لا يسقط عن
عهدته او ان حكمه لا يسقط عن موضوعه , او ان الميسور لا يسقط عن موضوعيته , للحكم
فكلها خلاف الظاهر , و انما قلنا ان كون الاول اظهر فان اسعمال كلمة (( لا يسقط ))
يتوقف على ثبوت ما يسقط بنحو من الانحاء في محل عال حقيقة او اعتبارا , فلما كان
الطبايع ثابتا بواسطة الامر في عهدة المكلف و ذمته التى هى امر عال في عالم
الاعتبار , كانت الاجزاء ثابتة في ذلك المحل بعين ثبوت الطبيعة و لما كان سقوط
الجزء و تعذره موجبا لتعذر المركب و سقوطه حسب القاعدة الاولية جاء الحديث نافيا
لتلك القاعدة قائلا بان سقوط المعسور لايوجب سقوط الميسور و ان كان ملاك عدم
السقوط مختلفا , فان الملاك لعدم سقوطه قبل التعذر انما هو الامر المتعلق بالطبيعة
الموجب لثبوتها الذى هو عين ثبوت اجزائها , و اما الملاك لعدم سقوطه بعد التعذر
فانما هو لاجل امر آخر مستفاد من ذلك الحديث , و هو غير قادح اصلا فان الاختلاف
انما هو في جهة الثبوت لا في اصله , نظير السقف المحفوظ بالدعائم المختلفة المتبدلة
فالسقف ثابت , و ان كان ما به الثبوت يختلف كما ان الاجزاء الميسورة ثابتة و ان
كان ما به الثبوت مختلفا فتارة يكون ما به الثبوت هو الامر المتعلق بالطبيعة
التامة , و اخرى يكون الامر المستفاد من ذلك العلوى .
و ارادأ الاحتمالات هو الاخير و ان كان
الجميع غير الاول مشتركا في كونه خلاف الظاهر , ( وجه الاردئية ) ان لفظة السقوط
لايلائم هذا الاحتمال , لما عرفت من ان تحقق مفهوم السقوط يتوقف على كون الساقط في
محل عال , ككون الحكم بالنسبة الى الموضوع و هو بالنسبة الى ذمة المكلف , و اما
كون سقوط الموضوع ( الميسور ( عن الموضوعية فلا يتحقق فيه الشرط المذكور , لان
الحكم يسقط عن الموضوع لا الموضوع عن الموضوعية , الابتبع سقوط الحكم عن موضوعه ,
نعم لو كان ارتفاع الموضوع لاجل موضوعيته لصح ذلك فيه , كما يقال سقط الامر عن
الامارة و المقام ليس من ذلك القبيل .
و اما كون الكل مشتركا في كونه خلاف الظاهر
, فان الحكم الذى كان