و الامتثال و نحو هما منظورا اليه
بل حقيقة الامتثال ليست الا الاتيان بداعوية الامر و به يحصل التقرب و يصير العبد
ممتازا من غيره و قد عرفت ان المركب عبارة عن أجزاء و شرائط في لحاظ الوحدة و يكون
الامر الداعى الى المركب داعيا الى الأجزاء لا بداعوية اخرى فحينئذ نقول لا شبهة
في ان الاتى بالاقل , القائل بالبرائة و الاتى بالاكثر القائل بالاشتغال كل واحد
منهم متحرك بتحريك الامر المتعلق بالمركب فقوله تعالى (( اقم الصلاة )) محرك للاتى
بالاقل و الاتى بالاكثر , من غير فرق بينهما من هذه الجهة و انما يفترقان في ان القائل
بالبرائة لايرى نفسه مكلفا باتيان الجزء المشكوك فيه بخلاف القائل بالاشتغال و هذا
لا يصير فرقا فيما هما مشتركان فيه و هو الاتيان بالاجزاء المعلومة بداعوية الامر
بالمركب ثم لو فرض الوجوب الغيرى فيمكن للاتى بالاقل قصد التقرب لاحتمال كون الاقل
واجبا نفسيا و ما لا يمكن له هو الجزم بالنية و هو غير معتبر في العبادات جزما , و
لهذا يصح العمل بالاحتياط و ترك طريقى الاجتهاد و التقليد و كما ان الجزم بالنية
غير ممكن مع الاتيان بالاقل غير ممكن مع الاتيان بالاكثر لعدم العلم بمتعلق
التكليف فقصد القربة ممكن منهما و الجزم غير ممكن منهما بلا افتراق بينهما .
ما
هو مقتضى الاصل الشرعي في المقام
و لا يخفى انه بعد ما اتضح كون الجزء الزائد
مشكوكا فيه من رأس لا نحلال العلم الاجمالى , يقع الجزء المشكوك فيه موردا للبرائة
الشرعية و يشمله حديثا الرفع و الحجب و غير هما من ادلة الباب , لان شان الحديثين
, الرفع التعبدى فمعنى الرفع في المقام هو رفع الجزئية عن الجزء المشكوك فيه , و
البنا على عدم كون المشكوك فيه جزءا , فهو ياتى بالاجزاء المعلومة لاجل الامر
المتعلق بالمركب الذى عرفت داعويته الى نفس الاجزاء بدعوة واحدة و ينفي لزوم الجزء
المشكوك فيه او جزئيته للمركب , و يكون مأمونا من العقاب .