الطرفين فالتخيير العقلى فيه انما هو من
التخيير التكوينى حيث ان الشخص لا يخلو بحسب الخلقة من الاكوان الاربعة , لا
التخيير الناشي عن الملاك , فاصالة التخيير عند الدوران بين المحذورين ساقطة .
و اما البرائة العقلية فغير جارية لعدم
الموضوع لها فان مدركها قبح العقاب بلا بيان , و في دوران الامر بين المحذورين
يقطع بعدم العقاب , لان وجود العلم الاجمالى كعدمه لا يقتضى التخيير و التاثير
فالقطع بالمؤمن حاصل بنفسه بلا حاجة الى حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان ( انتهى . (
و فيه ما لا يخفى
اما اولا : فلانه ما من واقعة من الوقائع
الا و للعقل فيه حكم و ادراك ( اذا احاط المورد بعامة خصوصياته و كان المورد قابلا
لحكم العقل ) ففي هذا الموضوع اما ان يرى لا حد الطرفين ترجيحا اولا , فعلى الاول
يحكم بتعين الاخذ به , و على الثانى يحكم بالتساوى و التخيير , كما تقدم آنفا اضف
الى ذلك ان كون الانسان غير خال عن الاكوان الاربعة اجنبى عن المقام .
و ثانيا : ان تخصيص اصالة التخيير على
المتزاحمين الذى يشتمل كل واحد على ملاك , لا وجه له , فان العقل يدرك التخيير و
يحكم به في اطراف العلم الاجمالى عند الاضطرار لترك واحد منهما او فعله , مع ان
الملاك قائم الواحد منهما فقط و لو نوقش فيه اقول لو وصل الضال الى طريقين , يعلم
ان احدهما طريق البلد و لا يكون ترجيح بينهما يدرك العقل التخيير و يحكم به من غير
ان يكون في كليهما ملاك , و اما ما افاده في جريان البرائة العقلية من ان كون
العلم الاجمالي كعدمه , غير مفيد فان المؤمن مطلقا انما هو قاعدة قبح العقاب بلا
بيان , لا كون العلم الاجمالي كعدمه , اذا لولا هذه القاعدة و انه يقبح الحكيم
العقاب بلا بيان لما نرى مانعا للمولى ان يعاقب عبيده على تكاليفه الواقعية و جوبا
كان او حراما و ان شئت قلت : ان مورد القاعدة في المقام انما هو نوع التكليف لانه
غير معلوم و اما الجنس المردد بين النوعين فهو و ان كان معلوما و لا يجرى فيه
اصالة البرائة و لكن لا يجوز العقاب عليه لعدم قدرة المكلف على الموافقة