لا يمكن , و على جميع الوجوه قد يكونان
متساويين من جهة الاهمية , و قد يحتمل اهمية واحد منهما , و ثالثة : يعلم اهمية
واحد منهما , كما اذا تردد الشخص بين كونه نبيا او ساب النبي , و من المعلوم ان
حفظ وجود النبى اهم من قتل سابه .
ثم انه لا اشكال في امتناع الموافقة القطعية
الا في الجملة و اما المخالفة القطعية فلا يتحقق اذا كانت الواقعة واحدة , اللهم
اذا كان احد الحكمين امرا تعبديا كما اذا علمت الحائض بحرمة الصلاة او وجوبها
وجوبا تعبديا , فصلت بلا قصد التقرب , فانه يتحقق حينئذ العلم بالمخالفة القطعية (
و اما اذا تعددت الوقائع ) , و كان الشخص فاعلا في واقعة , و تاركا في اخرى , فكما
ان عمله يعد مخالفة قطعية , كذلك يعد موافقة قطعية , هذه هى الوجود المتصورة , و
اليك تفصيلها في ضمن امور .
الاول : اذا كان كل من الحكمين متساويين , و
لم يقم دليل على ترجيح واحد منهما , فهل يجرى اصالة التخيير او البرائة العقلية او
الشرعية اولا .
اما التخيير العقلى فلا شك ان العقل يحكم
بالتخيير , لا نه بعدما ادرك ان العلم الاجمالى غير مؤثر في المقام , و ان
الموافقة القطعية غير ممكنة حتى يحكم بالاحتياط , كما ان المخالفة القطعية غير
ممكنة حتى يمنع عنها العلم الاجمالى , و ادراك ايضا عدم مرجح لواحد منهما حتى يحكم
بالاخذ به , بل يرى الاخذ باحدهما معينا ترجيحا بلا مرجح و ( عندئذ ) يحكم بلا
تأمل على التخيير و ان زمام الواقعة في الارتكاب و عدمه بيد المكلف , و ليس حكمت
بالتخيير سوى ادراكه هذه المعاني , لا انه شي آخر حتى يستبعد وجوده , هذا حكم
العقل في المقام و ان شئت قلت : اذا كان طرفا الفعل و الترك مساويا في نظر العقل
يحكم بالتخيير بقبح الترجيح بلا مرجح فلا يبقى مترددا و بالجملة ادراك قبح الترجيح
بلا مرجح ملازم لا دراك التخيير و هذا هو حكمه بالتخيير و مجرد عدم خلو الانسان من
احدى النقيضين لا يوجب عدم حكم العقل بعدم التعيين الذى هو ادراك التخيير .
ثم ان بعض اعاظم العصر منع جريان الاصل
العقلى قائلا بانه انما يجرى فيما اذا كان في طرفي التخيير ملاك يلزم استيفائه و
لم يتمكن المكلف من الجمع بين