الواقع لان النسبة بين الخمر و مقطوعه هى
العموم من وجه فيتاكد الوجهان فى صورة الاجتماع .
و حاصل الوجه الثانى لغوية الخطاب لعدم
صلاحية ذلك الامر للباعثية بحيال ذاته لعدم افتراق العنوانين و ذلك لان حكم الخمر
ان كان محركا فلا نحتاج لمحرك آخر و الا فلا ينبعث من ذلك الامر ايضا .
و لا يخفى ان فى كلامه مجالا للنظر .
اما الاول : فلانه لامجال لجعل المقام من قبيل
اجتماع المثلين فى نظر القاطع دائما , بعدما اعترف ان النسبة بين العنوانين هى
العموم من وجه , فان القاطع قد يرى اجتماع العنوانين عنده مع تصديقه بانهما عامان
من وجه , لان مقطوع الخمرية قد يكون خمرا و قد لا يكون , و لو بالنسبة الى سائر
القاطعين , فعدم احتمال تخلف قطعه لا يوجب اعتقاد اجتماع المثلين على العنوانين ,
بل يوجب اعتقاد تصادق العنوانين حال قطعه .
اما الثانى : فلان المراد ليس انبعاث كل فرد
من المكلفين من هذا الخطاب , بل المراد انبعاث عدة منهم , و من المعلوم ان العبد
ربما لا ينبعث عن امر واحد , و ينبعث عن امرين او اكثر , لما يرى من شدة تبعاته ,
و صعوبة لوازمه , و لما يرى , ان تخلف الامرين يورث عقابين فيصير ذلك داعيا
لاطاعته او اجتنابه , فتلخص بما مر ان المسئلة عقلية صرفة .
الجهة الثانية : فى استحقاق المتجرى العقوبة
و عدمه . و لا يخفى ان مجرد قبحه عقلا لا يستتبع الحرمة , اذ لا ملازمة بين قبح شى
و استلزامه العقوبة , فان ترجيح المرجوح قبيح و لا يوجب العقاب , و كذا كثير من
القبايح العقلية او العقلائية , اذا لم يرد فيها نهى او لم ينطبق عليها عناوين
محرمة او لم يدرك العقل صحة عقوبة مخالفته .
فان قلت : يمكن ادعاء الملازمة بين القبح و
العقاب , فيما اذا ارتكب قبيحا يرجع الى دائرة المولوية و العبودية , و لا شك فى
ان ارتكاب ما لا يجوز ارتكابه العقل فى تلك الدائرة و يعد تركه من شئون العبودية ,
يستلزم العقوبة .