اما متى يتأتى
للمولى ان يرخص فى مخالفة التكليف المنكشف بصورة جادة؟
فالجواب : على ذلك
أن هذا يتأتى للمولى بالنسبة الى التكاليف المنكشفة بالاحتمال أو الظن ، وذلك بجعل
حكم ظاهرى ترخيصى فى موردها ، كأصالة الاباحة والبراءة. ولا تنافى بين هذا الترخيص
الظاهرى والتكليف المحتمل أو المظنون ، لما سبق من التوفيق بين الأحكام الظاهرية والواقعية
، وليس الترخيص الظاهرى هنا هزليا ، بل المولى جاد فيه ، ضمانا لما هو الأهم من
الأغراض والمبادىء الواقعية.
وأما التكليف
المنكشف بالقطع فلا يمكن ورود المؤمن من المولى بالترخيص الجاد فى مخالفته ، لأن
هذا الترخيص إما حكم واقعى حقيقى ، وإما حكم ظاهرى طريقى ، وكلاهما مستحيل :
والوجه فى استحالة
الأول انه يلزم اجتماع حكمين واقعيين حقيقين متنافيين فى حالة كون التكليف المقطوع
ثابتا فى الواقع. ويلزم اجتماعهما على أى حال فى نظر القاطع ، لانه يرى مقطوعه
ثابتا دائما ، فكيف يصدق بذلك.
والوجه فى استحالة
الثانى ان الحكم الظاهرى ما يؤخذ فى موضوعه الشك ، ولا شك مع القطع ، فلا مجال
لجعل الحكم الظاهرى.
وقد يناقش فى هذه
الاستحالة بان الحكم الظاهرى كمصطلح متقوم بالشك لا يمكن ان يوجد فى حالة القطع
بالتكليف ، ولكن لماذا لا يمكن ان نفترض ترخيصا يحمل روح الحكم الظاهرى ولو لم يسم
بهذا الاسم اصطلاحا ، لاننا عرفنا سابقا ان روح الحكم الظاهرى هى انه خطاب يجعل فى
موارد اختلاف المبادىء الواقعية وعدم تمييز المكلف