الاختلاف في شأن
العصمة ، فالأصل في العصمة كما بيّنا أنّها أمر جبليّ في الإنسان ، مفطور على
الاعتقاد به ، ولكنّ الناس لمّا تحكّمت بهم المشاعر والأهواء غير المستندة إلى سند
شرعيّ ، فقاموا بتحكيم أهوائهم وشهواتهم ومشاعرهم وجعلوها حكماً على العصمة ،
فعصموا من لا يستحق العصمة ، وأنكروها على من قرّر الله تعالى أنّه معصوم بالنصّ ،
حتّى وصل بهم الأمر أنْ يحاسبوا رسول الله على عصمته ، مع أنّ موضوع عصمته صلىاللهعليهوآله لا يجوز التشكيك
فيه ولا البحث فيه أصلا ، فالفطرة والعقل والشرع يوجبون له العصمة الشاملة؛ لأنّه
المصطفى والمختار من الله تعالى ليبلّغ عنه ، فمن يشكّك في عصمته صلىاللهعليهوآله وكل من اختارهم
الله تعالى وعيّنهم أوصياء لنبيّه ، هو كمن يشكّك في اختيار الله تعالى.
ولنضرب مثلاً على من اختار طريق النجاة
التي حدّدها الله تعالى لعباده ، والتزم خطّ المعصومين بنصّ الشارع المقدّس ، وبين
من ترك اختيار العصمة والمعصوم لرأيه وهواه ، ولم يلتزم بالنصّ الإلهي ، وهذا
المثل هو قصّة نبيّ الله نوح عليهالسلام
مع ابنه ، وحديث السفينة الذي ذكرناه يشبّه فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله أهل بيته كسفينة
نوح ، أي أنّه صلىاللهعليهوآله
يقول : إنّ العنوان الرئيسي لأسباب النجاة في الماضي والحاضر هو ركوب سفينة أهل
البيت عليهمالسلام
، والناس على كلّ حال بين خيارين ، إمّا الاعتصام بمن عصمهم الله تعالى وجعلهم
عنوان النجاة والهدى ، وإمّا أنْ يحتكموا إلى فطرتهم وأهوائهم ويتركوا النصّ
الشرعيّ ويعتصموا بمن لم يعصمه الله تعالى فيؤدّي بهم إلى الهلاك والضلال.