وكما ترى أخي الكريم فإنّ القرآن الكريم
يقرّر إرادة الله تعالى في شيء ما ، ويأتي البخاري وغيره ليناقض ذلك ، ويلقى كلامه
القبول والتطبيق من أغلب المسلمين. والأغرب من ذلك أنّ البخاري ومسلم وغيرهما من
أصحاب الصحاح يقرّرون أنّ عدداً من الصحابة كان لا ينسى شيئاً ممّا حفظه ، ويلقى
هذا الرأي القبول الواسع عند جمهور العامّة من المسلمين.
فقد روى البخاري في صحيحه في كتاب العلم
باب حفظ العلم عن أبي هريرة قال : قلت : يا رسول الله ، إنّي أسمع منك حديثاً
كثيراً أنساه؟ قال : « أبسط رداءك » ، فبسطته ، قال : فغرف بيديه ، ثم قال : « ضمه
» فضممته ، فما نسيت شيئاً بعده [١].
ورواه البخاري أيضاً في كتاب المناقب باب سؤال المشركين أنْ يريهم النبيّ صلىاللهعليهوآله آية [٢].
وروى البخاري في صحيحه في كتاب البيوع
أنّ أبا هريرة رضياللهعنه
قال :
إنّكم تقولون : إنّ أبا هريرة يكثر
الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وتقولون : ما بال المهاجرين والأنصار لا يحدّثون عن رسول الله صلىاللهعليهوآله بمثل حديث أبي
هريرة ، وإنّ إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم صفق بالأسواق ، وكنت ألزم رسول الله صلىاللهعليهوآله على ملء بطني ، فأشهدُ
إذا غابوا ، وأحفظ إذا نسوا ، وكان يشغل إخوتي من الأنصار عمل أموالهم ، وكنت امرأ
مسكينا من مساكين الصفة ، أعي حين ينسون ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في حديث يحدثه : « إنّه
لن يبسط أحد ثوبه حتّى أقضي مقالتي هذه ، ثمّ يجمع إليه ثوبه ، إلا وعى ما أقول » ،
فبسطت نمرة عليّ ، حتّى إذا قضى رسول الله صلىاللهعليهوآله
مقالته جمعتها إلى صدري ،