نام کتاب : موسوعة الأسئلة العقائديّة نویسنده : مركز الأبحاث العقائدية جلد : 3 صفحه : 248
فالأشاعرة جنحوا إلى الجبر حرصاً على
الأصل الأوّل ، والمعتزلة إلى الثاني حرصاً على أصل العدل ، وكلا الطرفين غفل عن
نظرية ثالثة يوافقها العقل ويدعمها الكتاب والسنّة ، وفيها الحفاظ على كلّ من أصلي
التوحيد والعدل ، مع نزاهتها عن مضاعفات القولين ، فإنّ في القول بالجبر بطلان
البعث والتكليف ، وفي القول بالتفويض الثنوية والشرك.
فهذه النظرية الثالثة هي مذهب الأمر بين
الأمرين ، الذي لم يزل أئمّة أهل البيت عليهالسلام
يحثّون عليه ، وخلاصة هذا المذهب :
أنّ أفعالنا من جهة هي أفعالنا حقيقة ، ونحن
أسبابها الطبيعية ، وهي تحت قدرتنا واختيارنا ، ومن جهة أُخرى هي مقدورة لله تعالى
، وداخلة في سلطانه ، لأنّه هو مفيض الوجود ومعطيه ، فلم يجبرنا على أفعالنا حتّى
يكون قد ظلمنا في عقابنا على المعاصي ، لأنّ لنا القدرة والاختيار فيما نفعل ، ولم
يفوّض لنا خلق أفعالنا حتّى يكون قد أخرجها عن سلطانه ، بل له الخلق والحكم والأمر
، وهو قادر على كلّ شيء ومحيط بالعباد.
وهذا بحث دقيق شريف ينبغي الاطلاع عليه
، وللتوسعة يراجع كتاب الإلهيّات للشيخ السبحانيّ ، بحث مناهج الاختيار ، وكتاب
عقائد الإمامية للشيخ المظفّر قدسسره.
أمّا آية ( وَاللهُ خَلَقَكُمْ
وَمَا تَعْمَلُونَ )[١] ، فالظاهر من
السياق أنّ ( ما ) موصولة بقرينة قوله تعالى : ( قَالَ أَتَعْبُدُونَ
مَا تَنْحِتُونَ )[٢] ، ويكون
معنى الآية : أتعبدون الأصنام التي تنحتونها ، والله خلقكم أيّها العبدة والأصنام
التي تعملونها.
فتتمّ الحجّة على المشركين بأنّهم
ومعبوداتهم مخلوقات لله سبحانه ، فلا