نام کتاب : موسوعة الأسئلة العقائديّة نویسنده : مركز الأبحاث العقائدية جلد : 3 صفحه : 245
وأمّا القضاء والقدر العلميّان : وهذه
هي المزلقة الكبرى للسطحيين الذين مالوا إلى الجبر.
وبيانه : أنّ علمه سبحانه لم يتعلّق
بصدور أيّ أثر من مؤثّره على أيّ وجه اتفق ، وإنّما تعلّق علمه بصدور الآثار عن
العلل ، مع الخصوصية الكامنة في نفس تلك العلل.
فإن كانت العلّة علّة طبيعية فاقدة
للشعور والاختيار ، كصدور الحرارة عن النار ، أو واجدة للعلم فاقدة للاختيار ، كصدور
الارتعاش في الإنسان المرتعش ، فتعلّق علمه سبحانه بصدور فعلها وأثرها عنها بهذه
الخصوصيّات.
أمّا لو كانت العلّة عالمة وشاعرة
ومريدة ومختارة ، كالإنسان فقد تعلّق علمه سبحانه على صدور أفعالها منها بتلك
الخصوصيّات ، وانصباغ فعلها بصبغة الاختيار والحرّية ، فلا يلزم من قضاء الله
وقدره العلميّين القول بالجبر.
وقد تبيّن ممّا قدّمناه : أنّ الإيمان
بالقضاء والقدر لا يجرّ إلى القول بالجبر قطعاً.
وأمّا سؤالك عن الفرق بين معنى التسيير
والتخيير ، ومعنى الجبر والتفويض ، فإنّ التسيير بمعنى الجبر ، والتخيير يعني أنّ
الإنسان مخيّر في فعله غير مجبور ، والتفويض يعني أنّ الله فوّض أفعال الإنسان
للإنسان ولا دخل له بها ، ونحن نقول : أنّه لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين ،
كما أوضح ذلك أئمّة أهل البيت عليهمالسلام
، والمراد من ذلك الأمر هو نفس معنى ( وَمَا تَشَاؤُونَ
إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )[١].
وكذلك قولنا : لا حول ولا قوّة إلاّ
بالله ، وببساطة نقول : أنّ المسبّب لأفعالنا والذي يعطينا الحول والقوّة والقدرة
على فعل ما نشاء هو الله سبحانه ، وبشكل متواصل ومستمر ، ولو شاء قطع ذلك بإرادته
، ولما استطعنا فعل شيء أبداً ،