بالوضع فمتى علم الوضع يتحقّق الدلالة ، فإنّه علّة تامّة لها ويمتنع تخلّفها عنه ، حتّى في المشترك بعد العلم بأوضاعه ، وحتّى في المجاز ولو مع القرينة ، فإنّها صارفة عن الإرادة لا عن الدلالة ، بل ومحاسن الكلام [١] وأسرار البلاغة إنّما هي فرع للدلالة على الحقيقة ، فما هو غير متّضح [٢] في الاشتراك والمجاز عند فقد القرينة المعيّنة هو المراد ، لا الدلالة.
نعم ، يتصوّر عدم وضوح الدلالة ولو بوجه فيما إذا علم إجمالا وضع اللفظ لمعنى من المعاني ، فإنّه يمكن أن يقال : إنّ الدلالة غير متّضحة ، بمعنى أنّه لا يدلّ على معنى خاصّ ، لعدم العلم به على وجه الاختصاص.
وكيف كان ، فالمبيّن خلافه.
وقد قسّموا المجمل إلى القول والفعل والترك [٣] ، وإلى المفرد والمركّب.
وأما الفعل : فوجه الإجمال فيه : هو اشتراكه في وقوعه على وجوه عديدة ، وإذا جهل وجه وقوعه تردّد بين جميع ما يحتمله من الوجوه ، فيكون غير ظاهر الدلالة ومجملا.
وفيه نظر ، إذ تلك الوجوه ليست مدلولة للفعل مثل دلالة اللفظ على معناه ، لعدم الوضع. ودلالته على عدم الحرمة إنّما هو بواسطة دليل العصمة لا بنفس
[١] في ( ش ) و ( ع ) والمطبوع : « محاسن المجاز ». [٢] في ( ق ) زيادة : « كما ». [٣] كما في ضوابط الأصول : ٢٢٦ ، وراجع المناهج : ١٢١ ، وشرح المختصر : ٢٨٧ ، وفيهما تقسيمه إلى قول وفعل. [٤] في الصفحة الآتية وما بعدها.