وفي الضدّ الخاصّ قول آخر للبهائي رحمهالله ، وهو : أنّ الأمر بالشيء لو قيل : « إنّه يقتضي عدم الأمر بالضدّ » مكان « النهي عنه » لكان أولى [١].
والذي دعاه إلى هذا : أنّ الثمرة المترتّبة على النهي من فساد العبادة الموسّعة الواقعة في وقت المضيّق على هذا القول أوضح ، إذ ربّما أمكن دعوى الصحّة مع [٢] النهي كما يجيء في الاستدلال ، ولا يمكن دعواها مع عدم الأمر. مضافا إلى أنّ اقتضاء الأمر بالشيء عدم الأمر بالضدّ أقرب في الاعتبار والاستدلال من اقتضائه النهي عنه.
وهذا القول في بادئ النظر يخالف القول باقتضائه النهي عن الضدّ ، ولكنّ التحقيق أنّ هذا القول إن لم يرجع إلى القول المشهور ففي غاية البعد من التحقيق.
بيان ذلك يحتاج إلى تمهيد مقدّمة ، وهي : أنّ المصحّح للامتثال في العبادات على القول بتعلّق الأوامر بالطبائع دون الأفراد إنّما هو تعلّق الأمر بعنوان وأفراد مقدّرة مندرجة تحته على نحو صدق الكلّي على الفرد ، ولا حاجة إلى تعلّق الأمر بخصوص ما يأتي به المكلّف من تلك الأفراد ، بل يكفي في صحّته اندراجه تحت ذلك الكلّي المأمور به. فلو ورد أمر بعتق رقبة أو إتيان رجل فذلك الأمر المتعلّق بكلّيّ العتق يقتضي الإجزاء والصحة في الفرد الذي يأتي به المكلّف في مقام الامتثال من غير أن يكون بذلك الفرد بخصوصه أمر بخصوصه ، بل معنى كونه مأمورا به كون الكلّي الذي هو فرده مأمورا به ، فيكون احتياج أفراد العبادات إلى الأوامر احتياج كلّيّاتها إليه ، ثمّ عدم ورود تخصيص يوجب خروجه عن ذلك الكلّي نحو الصفة بحال متعلّق الموصوف.