الترك ، لأنّ ذلك يستلزم تركّب كلّ واحد من الأحكام الخمسة من الحكمين ، لأنّ الوجوب حينئذ يتضمّن النهي عن الترك الذي يقتضي التحريم ، والتحريم نهي عن الفعل ويتضمّن إيجاب الترك ، والإباحة مركّبة من الإذن في الفعل والإذن في الترك ، فيكون الإباحة مركّبة من الإذنين والإباحتين ... وهكذا.
وما يقال : من أنّ الوجوب طلب فعل مع المنع من الترك ، فلا يراد به الترك ، بل إنّما يراد به أنّ الوجوب مرتّبة من الطلب لو التفت الآمر إلى الترك لم يكن راضيا به ، بخلاف الاستحباب ، فإنّ فيه من الطلب ما لو التفت إلى الترك لكان راضيا به ، فعدم الرضا بالترك من اللوازم الغير البيّنة للوجوب ، لا جزئه ولا عينه.
ومن هنا ظهر دليل القول بعدم الاقتضاء رأسا ، كما ذهب إليه الحاجبي والعضدي وغيرهما ، لأنّ لهم دعوى عدم كون هذا النحو من المنع التعليقي نهيا ، نحو دعوى النافين لوجوب المقدّمة لعدم كون الإرادة الإجماليّة التي أثبتنا للمقدّمات بحكم العقل والوجدان وجوبا.
والحاصل : أنّ القول بأنّ الأحكام الخمسة بسيطة لا تركّب فيها ـ فإنّ الوجوب والاستحباب عبارتان عن المرتبتين من الطلب ليس إلاّ ، والحرمة والكراهة عبارتان عن المرتبتين من النهي والمبغوضيّة ليس إلاّ ، والإباحة عبارة عن رخصة بسيطة في الفعل ـ ليس ببعيد عن الصواب. وعلى هذا اتّجه تصوير القول بالاقتضاء على وجه الالتزام ، كما يتّجه نفي الاقتضاء رأسا.
وفي الضدّ الخاصّ أربعة ، إذ لم نجد ولا حكي عن أحد القول بالتضمّن ، وإن كان القول به ليس بأبعد من القول بالعينيّة وأنّ معنى « حرّك » [١] عين قوله : « لا تسكن » و « صلّ » عين قوله : « لا تمش » الذي يظهر من بعض العامّة.