وحينئذ فعدم صحّة بعض الأفراد ـ بمعنى عدم كونه مجزئا في مقام الامتثال بذلك الكلّي ـ لا بدّ وأن يكون ناشئا من منع المولى من الإتيان به في ذاك الفرد ، إذ لا حاجة لذلك الفرد من حيث كونه مجزئا مسقطا عن التكليف بذلك الكلّي إلى الإذن من المولى والأمر به ، وإلاّ لكان أفراد الماهيّة الواحدة التي يتعلّق بها أمر عيني واجبات عينيّة ، ضرورة عدم معقوليّة التفكيك بين الأمر المتعلّق بالكلّي والأوامر المتعلّقة بالأفراد من حيث العينيّة والسنخيّة بعد فرض سريان أمر ذلك الكلّي إلى الأفراد الواجد كلّ واحد منها للكلّي بتمامه ، فحيث ما نحكم ببطلان بعض الأفراد فلا بدّ لنا في ذلك من الاستناد إلى المنع في مقام الامتثال ، وإلاّ فيكفي في الحكم بالصحّة أمران : تعلّق الأمر الشرعي بكلّي ذلك الفرد ، واندراجه تحت ذلك ، من غير الاحتياج إلى أمر المولى بخصوص ذلك الفرد.
إذا تحقّق ذلك فظهر فساد قول البهائي ؛ لأنّ الكلام إنّما هو في الأضداد الموسّعة للمأمور به ، ولا ريب في أنّ الواجبات الموسّعة كلّيّات بحسب الأزمان ذات أفراد كثيرة ، فالحكم بفساد بعض أفرادها المصادم لزمان المأمور به المضيّق لا بدّ أن يستند إلى المنع والنهي. فلو قيل بأنّ الأمر بالمضيّق يقتضي المنع والنهي من الفرد من [١] الموسّع الواقع في وقته ، اتّجه الحكم بالفساد كما يقول به المشهور ، وإلاّ فمجرّد عدم كونه مأمورا به لا يحكم بفساده ، كيف! وليس شيء من الأفراد بمأمور به ومأذون فيه غير الإذن العقلي الذي ينشأ عن انطباق الكلّي المأمور به عليها ، سواء وقعت في وقت واجب مضيّق أم لا ، فلو كان الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن الضدّ فلا فائدة في القول بأنّه يقتضي عدم الأمر به بعد أن كان مقطوعا به مع قطع النظر عن ذلك الأمر المضيّق.