نعم ، لو أطرقه إليها ، سيما إذا كان طريقه أوّلا إلى دار نفسه ، فهو من التسبيب المحرّم المتقدّم بيانه ، وظهر من ذلك : أنه لا يجب على الإنسان دفع ضرر الغير بإضرار نفسه ، ولعلّه لا خلاف فيه.
المقام الثاني : في تعارض قاعدة الضرر مع قاعدة التسليط ، الثابتة بالحديث النبويّ المشهور المرويّ في كتب الأصحاب ، المعمول به عندهم. وهو قوله : « الناس مسلّطون على أموالهم » كما إذا تصرف المالك في ملكه فاستلزم تضرّر جاره ، فالمشهور جوازه. صرّح به الشيخ في المبسوط [١] ، في باب إحياء الموات في حفر المالك بالوعة أو بئر كنيف يقرب بئر الجار ، وإن أدّى إلى تغيّر ماء البئر.
وفي السرائر [٢] في باب حريم الحقوق ، قائلا : بجواز حفر الإنسان في ملكه بئرا يقرب بئر الغير ، وإن نقص به ماء الغير.
والفاضل في التحرير [٣] والقواعد فيه ، وفي اتخاذ ملكه حماما أو موطنا للقصار والحداد والمدبغ وأمثالها ، قائلا : بأنّ لكلّ أحد أن يتصرف في ملكه على العادة ما شاء ، وإن تضرر صاحبه ، ولا ضمان ، والشهيد في الدروس [٤] نافيا للضمان. واختاره في الرياض [٥] ، بل في الأوّل نفي الخلاف فيه. وفي الكفاية [٦] نسبه إلى الأصحاب ، مؤذنا بدعوى الإجماع ، إلّا أنّه استشكل في الضرر الفاحش.
والظاهر أنّ إطلاق كلامهم ، سيما كلام النافي للخلاف ، محمول على صورة حاجة