وكون الصبر عليها
أشق وأفضل كما سيأتي في الخبر ، أو لأن فعل الطاعات أيضا داخلة فيهما فإن المانع
عن الطاعات غالبا الاشتغال بالشهوات النفسانية ، فالسلو عنها يستلزم فعلها ، بل لا
يبعد أن يكون الغرض الأصلي من الفقرة الأولى ذلك بل يمكن إدخال فعل الواجبات في
الفقرة الثانية ، لأن ترك كل واجب محرم ويدخل ترك المكروهات وفعل المندوبات في
الفقرة الأولى.
«
واليقين على أربع شعب تبصرة الفطنة » وفي النهج والتحف على تبصرة ، والتبصرة مصدر باب التفعيل ،
والفطنة الحذق وجودة الفهم ، وقال ابن ميثم : هي سرعة هجوم النفس على حقائق ما
تورده الحواس عليها وقال : تبصرة الفطنة أعمالها.
أقول : يمكن أن
تكون الإضافة إلى الفاعل ، أي جعل الفطنة الإنسان بصيرا أو إلى المفعول أي جعل
الإنسان الفطنة بصيرة ، ويحتمل أن تكون التبصرة بمعنى الإبصار والرؤية فرؤيتها
كناية عن التوجه والتأمل فيها وفي مقتضاها ، فالإضافة إلى المفعول وحمله على
الإضافة إلى الفاعل محوج إلى تكلف في قوله : فمن أبصر الفطنة.
«
وتأول الحكمة » التأول والتأويل تفسير ما يؤول إليه الشيء ، وقيل : أول الكلام وتأوله أي
دبره وقدره وفسره ، والحكمة العلم بالأشياء على ما هي عليه ، فتأول الحكمة التأول
الناشئ من العلم والمعرفة ، وهو الاستدلال على الأشياء بالبراهين الحقة وقال ابن
ميثم : هو تفسير الحكمة واكتساب الحقائق ببراهينها ، واستخراج وجوه الفضائل ومكارم
الأخلاق من مظانها ككلام يؤثر أو غيره يعتبر ، وقال الكيدري : تأول الحكمة هو
العلم بمراد الحكماء فيما قالوا ، وأولي الحكمة بأن يعلم قول الله ورسوله قال
تعالى : « وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ
وَالْحِكْمَةَ » [١].
«
ومعرفة العبرة » وفي سائر الكتب : وموعظة العبرة ، والعبرة ما يتعظ به